مقال

الدكروري يكتب عن الهدف النبيل الذي تنشده المجتمعات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الهدف النبيل الذي تنشده المجتمعات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأمن هو الهدف النبيل الذي تنشده المجتمعات، وتتسابق إلى تحقيقه الشعوب، فإذا اختل نظام الأمن، وزعزعت أركانه واخترق سياجه، فلا تسأل عن الآثار الوخيمة التي تحدث نتيجة ذلك من الفتن العاصفة، والشرور المتعاظمة إذ لا يأتي فقد الأمن إلا بإثارة الفتن العمياء، والجرائم الشنعاء، والأعمال النكراء، ومن هنا فالأمن في الإسلام مقصد عظيم، شرع له من الأحكام ما يحميه ويحفظ سياجه، ويمنع المساس بجنابه، فقد تضافرت النصوص الشرعية على وجوب المحافظة على الضرورات الخمس، وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وأوجب الشرع حفظها، وحمى حماها، وحد الحدود وشرع التعذيرات.

 

للحيلولة للنيل منها، بل إن الإسلام حرم كل فعل يخل بالأمن والاطمئنان والاستقرار، وحذر من كل عمل يبث الخوف والرعب والاضطراب، وذلك من منطلق حرصه على حفظ هذه النعمة الجليلة، ولا شك أن الذين يروّعون المسلمين ويقومون بالإخلال بأمنهم، ويهددون مصالحهم الاقتصاديةَ أن عملهم هذا من أعظم الفساد في الأرض، عن طريق البغي والظلم، فإن الله لا يحب بغاة البغي والمعاصي، وإن نعم الله على الخلق كثيرة لا تعد ولا تحصى، وأعظم النعم بعد الإيمان بالله عز وجل نعمة الأمن، فالأمن عكس الخوف، فالأمن طمأنينة القلب وسكينته وراحته، والحياة لا تزدهر وتتطور من دون الأمن، فكيف يحلو العيش إذا انعدم الأمن.

 

فإن معه تنبسط الآمال وتطمئن النفوس، فإذا شاع الأمن تعددت أنشطة البشر وزاد عليهم رزق ربهم ويفتح عليهم أبوابه، فلا يطيب طعام ولا ينتفع بنعمة رزق إذا فقد الأمن، لذلك قدمت نعمة الأمن على نعمة الرزق، والأمن مطلب أكثر الناس بل هو مطلب العالم بأسره، فكيف يعيش المرء في حالة لا يؤمن فيها على نفسه، فلا تتحقق أهم مطالب الحياة إلا بتوافر الأمن، فالأمن والأمان يعم أرجاء البلاد، بحيث يستطيع المرء أن يخرج من بيته وهو مطمئن على نفسه وأهله، إن نعمة الأمن غالية جدا ولا يعرف قدرها إلا من افتقدها، إنه لشعور جميل أن تستطيع التحرك بحرية وأمان في أي وقت دون خوف، فإنها نعمة الأمن والأمان.

 

فيجب علينا إدراك قيمة هذه النعمة، وأن نتذكرها، وأن نعرف كيف نحافظ عليها، وأن نحذر من أسباب زوالها، خاصة وأن أعداءنا يحاولون جادين زعزعة استقرار بلادنا وأمننا، مستغلين في ذلك بعضا من أبناء هذا الوطن، بتلويث أفكارهم وتحريضهم على ما يضرهم ولا ينفعهم، فيجب علينا أن نعرف قدر هذه النعمة جيدا، وأن نحافظ عليها بشتى أنواع الوسائل حتى نأمن في ديننا وديارنا، وإن حاجة الإنسان للأمن والاطمئنان كحاجته إلى الطعام والشراب والعافية للأبدان، كيف لا وقد جاء الأمن في القرآن والسنة مقرونا بالطعام الذي لا حياة للإنسان ولا بقاء له بدونه؟ وقد امتن الله به على عباده، وأمرهم أن يشكروا هذه النعم.

 

بإخلاص العبادة له، سبحانه وتعالى، فإذا عم الأمن البلاد، وألقى بظله على الناس، أمن الناس على دينهم، وأمن الناس على أنفسهم، وأمن الناس على عقولهم، وأمنوا على أموالهم وأعراضهم ومحارمهم، ولو كتب الله الأمن على أهل بلد من البلاد، سار الناس ليلا ونهارا لا يخشون إلا الله، وفي رحاب الأمن وظله تعم الطمأنينة النفوس، ويسودها الهدوء، وتعمها السعادة، والناس في هذه الحياة لهم مآرب شتى، وأحوال متعددة، تختلف أديانهم وتوجهاتهم، وتختلف رغباتهم، إلا أن هناك أمورا هم جميعا مجمعون على طلبها والبحث عنها، بل هي غاية كثير منهم، ويظهر هذا الأمر جليا وواضحا في المطلب الذي يكابد من أجله شعوب، ويسعى لتحقيقه فئام كثيرون، إنه الأمن على النفس والمال والولد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى