مقال

هذا نحن فمن أنتم ؟

جريدة الاضواء

هذا نحن فمن أنتم ؟

كتب / يوسف المقوسي

 

الاقتراب من التاريخ، يقتضي حالة من العري والخوف والشك. كتب التاريخ هي نتاج “رواد” حسموا مسألة الصدق مع الأحداث: هناك حقائق يجب تجنبها، وأحداث يجب ان لا تروى بصوت مرتفع.

 

لكل فريق او دين او مذهب أو مصلحة او سياسة، ان يعتبر الكذب فضيلة لحماية الواقع الذي يريده. فلا ضرر لتاريخ مضى إذا كذبنا عليه. الإقامة في الخطأ والتلفيق والتزوير خير من الوقوع في شباك “الحقائق المضرة”. فالمطلوب، لدى اصحاب المصالح، المادية والمعنوية، ابناء السلالات التاريخية والدينية والحزبية والعرقية، ان تكنس الذاكرة من كل ما يعرقل مسارات القوى القائمة راهناً. مراراً، تم تزيين التاريخ وكتابته بلصوصية ذكية ومنطقية لخدمة أغراض راهنة. الحقيقة والتاريخ ضدان. الحقيقة التاريخية الصادقة يجب ان تموت.

 

من لا يصدق، فليراجع تواريخ المذاهب والديانات والاحزاب والعقائد والمصالح. تاريخ العالم اليوم، والسائد بكل صلافته، يعفو عن الدول المرتكبة لأعتى الفظائع في زمن الاستعمار المباشر. العرب ضحية تاريخ مُغربل تمت تنقيته من الإبادات والقتل والسرقة والنهب.

 

لا أحد يحاسب الاقوياء. ولو ارتكبوا تواريخ من الكبائر. لقد كنس الغرب ذاكرته من الجرائم، وهو يقدم نفسه انه من سلالة الروح القدس. هذا الغرب الملاك، شيطان رهيب. والغريب ان له اتباعاً من ضحاياه.

ماذا عن تاريخ الفلسطينيين؟ هل هو صادق ام مختلف ام منحاز؟

المعروف، ان فلسطين لا ترسو على تاريخ، ولا التواريخ تلائم مكونات فلسطين الحزبية.

 

هل هذا التاريخ الوارد اعلاه يقنع الفلسطينيين؟ طبعاً لا.

ماذا يعني ذلك؟ يعني ان المذاهب الدينية والسياسية، هي “صاحبة الحق” في تعريف، من هو الفلسطيني ، مما يعني ان الشيعة يعطلون اليوم بحضورهم، “النسيج الخرافي” للشعب الفلسطيني، علماً، انه وفي حاضرنا هذا ليس في فلسطين شعبا، بل، جماعات ومذاهب وقبائل وعائلات، ولها احضان كثيرة. التاريخ لم يجعل فلسطين على صورة وطن. حَبِل به كما هو الآن.

 

فلسطين المتحد، مفقود. لم يتحقق ابداً تاريخه. ليس تاريخ دولة او وطن متحد. هو تواريخ، وبالتالي، انتماءات لهويات ذات قوة وحضور ورسوخ. فلسطين ليس الفلسطينيين ابداً. اذ، لا وجود لهوية فلسطينية . الانتماء الاول هو انتماء ديني او مذهبي او عرقي. لذا فلسطين ليس دولة. كان مشروع دولة. إنتهى المشروع وتشظى، وصارت شرعية الجماعات وميزاتها ومشاريعها وسياساتها ومحاورها، هي نتاج الرحم التاريخي الذي ينجب كيانات، وليس من اختصاصه إنجاب دولة.. اذا لا دولة في فلسطين .

هل ما قاله بعض القادة , فريد أم حقيقي ؟.

 

لكل حركة مؤرخوها. وللتوضيح، لا بد من التأكيد على ان التاريخ يصنعه الكتَاب. انهم يؤلفون ويؤرخون وفق اهوائهم: ويُدوّن ان التاريخ علم دقيق. التواريخ مشوهة الماضي. لكل تاريخه، وهو نتاج حمولة حزبية وازنة. تواريخ فلسطين الحديث، تؤسس على ما قبل التاريخ. يعودون الى زمن بعيد، الى احضان سوريا، الى حروب الاخوة الاعداء، في الاسلام والمسيحية. الى منابت اقلوية نقية. بحيث تكون كل حركة، سيدة على نفسها، ولا تتنازل عن سيادتها لأجل سيادة الدولة. يذهب بعض المؤرخين “اللامعين”، الى تحقير فترات تاريخية واتهامها بالإساءة الى فلسطين – المواطن الفلسطيني يتساءل: “كيف ندافع عن انفسنا في وجه هذه الجائحة.

 

هذا سؤال مشروع وحقيقي ويلزم الا يكون مثارة او مناسبة للسخرية. هذه حقائق وليست اتهامات. الغالبية الغير كنتمية، في كثرتهم القليلة الباقية، من حقهم ان يقلقوا، ويقولوا هذه ليست فلسطيننا. وبالتحديد لا نريدها ايرانية أو قطرية أو تركية.

 

“ما حدا أحسن من حدا”.

 

فلسطين ، لم تكن موجودة كدولة. ولن تكون

 

لا يبنى وطن على سجلات تاريخية متناقضة وكاذبة

 

افق فلسطين ، كان دائماً خلفها.

 

لقد رحلت الى الوراء. الوقوع النهائي محتمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى