مقال

الدكروري يكتب عن سبب منع إجابة الدعاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن سبب منع إجابة الدعاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد حذر الإسلام أتباعه من أكل أموال الناس بالباطل ومن الكسب الحرام فالمال الحرام سبب لمنع إجابة الدعاء وإغلاق أبواب السماء والمال الحرام يقود صاحبه إلى النار، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” لن يدخل الجنة لحم نبت من سحت” أي من حرام، رواه الترمذي وغيره فاطب مطعمك تكن مجاب الدعوة، والله لو توضأ الانسان بماء زمزم وصعد على جبل أحد يدعو الله وماله من حرام فلن يستجيب له ولا يقبل له عمل اربعين يوما، وفي شرائع السماء كلها نهي الله تعالى عن الفساد في الأرض، وعند العقلاء كلهم يمقت المفسدون ويكره المستبدون، وإذا كثرت الأمور المتفق عليها بين الناس كان الفساد واحدا من هذه الأمور التي يجمع الناس على كرهها.

 

الفساد صور وأشكال، والمفسدون لهم علامات وأمارات، ومهما زُين الفساد بطلاء خادع، أو خادع المفسدون وروجوا لفسادهم فلا يمكن أن يتحول الأسود إلى أبيض، أو المكروه إلى محبوب، وإن الله لا يحب الفساد، وعباد الله كذلك لا يحبون الفساد، وإن ملأ الفساد البر والبحر، وفي قديم الزمن، وحديثه هناك عن أساطين للفساد آذوا عباد الله، وتطاولوا على الله تعالى، وأكثروا في الأرض الفساد، ثم تراهم يخادعون الناس بمحاربة الفساد، ويتهمون غيرهم بالفساد، ألم يقل فرعون في اتهامه لنبى الله موسى عليه السلام كما جاء فى قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة غافر ” إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد ” ولكن حبل الكذب قصير، والتزوير لا يدوم.

 

ولئن خدع فرعون قومه واستخف بهم فأطاعوه فترة، فقد انكشف لهم السراب الخادع، وثار الأقربون على فرعون، وقال السحرة المؤمنون كما جاء فى سورة طه ” إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ” وكان قارون نموذجا آخر للفساد، فقد بغى وطغى حين أعطاه الله من المال ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة من الرجال، فكيف بما داخلها من الخزائن والأموال، وتكبر قارون على عباد الله، وتجبر على الناصحين، الذين قالوا له كما جاء فى قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الفصص ” لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الأخره ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبع الفساد فى الأرض إن الله لا يحب المفسدين”

 

وجحد قارون فضل الله تعالى عليه، وقال قولته الآثمة كما جاء فى سورة القصص ” قال إنما أوتيته على علم عندى ” ولقد فتن قارون البسطاء حين خرج عليهم في زينته، وتمنى بعضهم أن يكون حاله مثل حاله، ولم ينخدع به العالمون، بل يميز أهل العلم والإيمان الذين لا تغرهم الحياة الدنيا، وينظرون إلى ما وراء ذلك من ثواب الله أو عقوبته فيقول الله تعالى ” وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ” وكانت النهاية المؤلمة، والمشهد المخزي، والفضيحة والعقوبة الإلهية التي تنتظر الأفاكين، وقارون نموذج لهم فقال الله تعالى ” فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ” ولئن خسف بقارون بشخصه، فلا يزال يستنسخ نموذجه.

 

ولا يزال مفسدون يسيرون على خطاه، ولا بد أن يواجهوا نفس المصير الذي واجهه إن لم يتراجعوا حساباتهم ويستغفروا ربهم، إن الفساد والإفساد شر وبلاء، فإن العبد قد يكون عبد سوء وفساد، وقد يكون عبد خير وتقوى، فإن تخلق بالدين، والخلق القويم، وامتلأ قلبه إيمانا وتقوى، سعى في إصلاح البلاد والعباد، وإن انحرف معتقده، وساء سلوكه، سعى في إفساد البلاد والعباد، والفساد والإصلاح أمران متناقضان، وكل يدعي لنفسه أنه المصلح، ولكن كما قال الله تعالى فى سورة البقرة ” والله يعلم المفسد من المصلح ” وقال الله عن المنافقين إنهم إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون كما جاء فى سورة البقرة ” ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون”

 

فكانوا إذا نهوا عن الفساد في الأرض بكفرهم بالله، وتكذيبهم لرسوله صلى الله عليه وسلم، وعملهم بخلاف ما يظهرون ” قالوا إنما نحن مصلحون” ولكن قال الله تعالى ” ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون” قال الله تعالى فى سورة المائدة ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى