مقال

الدكروري يكتب عن السلام فى الإسلام 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السلام فى الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

تنازع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين مع يهودي على درع، كان قد سقط منه في معركة صفين، فبينما يمشي في سوق الكوفة يمر أمامه اليهودي يعرض درعه للبيع، فقال الإمام علي لليهودي هذا درعي، فقال اليهودي بل هو درعي وأمامك القضاء، فاحتكما إلى القاضي شريح الذي قال “يا أمير المؤمنين هل من بينة؟” فقال الإمام علي رضي الله عنه نعم, الحسن ابني يشهد أن الدرع درعي، فقال القاضي شريح يا أمير المؤمنين شهادة الإبن لاتجوز، فقال الإمام علي سبحان الله رجل من أهل الجنة لاتجوز شهادته؟ فقال شريح يا أمير المؤمنين ذلك في الآخرة، أما في الدنيا لاتجوز شهادة الإبن لأبيه، فقال علي رضي الله عنه صدقت، فيقضي القاضي بالدرع لليهودي.

 

فالبينة على من ادعى واليمين على من أنكر، وينطلق اليهودي بالدرع وهو يكلم نفسه، أقف إلى جوار أمير المؤمنين في ساحة القضاء، ويقضي القاضي المسلم بالدرع لي، فيرجع اليهودي للقاضي ليقول له أيها القاضي, أما الدرع فهو لعلي, سقط منه ليلا، وأما أنا فأشهد أن لاإله إلا الله وأن محمد رسول الله، فلما سمعها الإمام علي رضوان الله عليه قال أما وقد أسلمت فالدرع هدية مني لك، فإنها سماحة الإسلام، وما أجملها من سماحة، ولقد أتى الإسلام مكملا ومتمما لمكارم الأخلاق فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى خطبته ” أوفوا بحلف الجاهلية، فإنه لا يزيدة، يعنى الإسلام، إلا شدة، ولا تحدثوا حلفا فى الإسلام” رواه الترمذى.

 

وإن الإسلام كله حلف، لكن ما كان من أحلاف الجاهلية يجب أن توفى الإسلام مع مكارم الأخلاق، فإذا كان في الجاهلية مكارم أخلاق هذه يجب أن تؤدى، الإسلام مع مكارم الأخلاق، فما كان في الجاهلية من مكارم الأخلاق أيّدها القرآن، وما كان منها يحتاج لتعديل عدلها، وما كان منها بعيدا عن منهج الله فقد ألغاها، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أنه قال يا رسول الله إنى نذرت فى الجاهلية أن أعتكف ليلة فى المسجد الحرام، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ” أوفى نذرك فاعتكف ليلة” فالنبي صلى الله عليه وسلم يطالب ربه أن يفي بوعده، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال، قال النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى قبة ” اللهم إنى أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليومز

 

فأخذ أبو بكر بيده، فقال حسبك يا رسول الله، فقد ألححت على ربك، وهو فى الدرع فخرج وهو يقول”سيهزم الجمع ويولون الدبر، بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر” فمن أوفى بعهد الله تعالى من توحيده وإخلاص العبادة له, أوفى الله عز وجل بعهده من توفيقه إلى الطاعات، وأسباب العبادة له، وإن أول وفاء وهو أن تكون وفيا مع الله، أن تنفذ ميثاق الله الذي واثقك به، ميثاق الفطرة والعقل، وميثاق الشرع، عندك عقل يأمرك وينهاك، وعندك فطرة تكشف لك خطأك، ومعك شرع فيه افعل ولا تفعل، فأول وفاء يقتضي أن تكون وفيا مع الله, مع ميثاقه الذي واثقك به، والذين يوفون بعهد الله هم الألباب، والذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله فوعدهم أن لهم الجنة، ومن أوفى بعهده من الله.

 

فكم من إنسان في بيت الله الحرام، وأمام الحجر الأسود يعاهد الله على الطاعة؟ فإذا عادوا إلى بلادهم, كم من هؤلاء يكون وفيا لوعده الذي وعد الله به؟ فإن أكبر عهد هو العهد الذي بينك وبين الله، ومن لم يكن فيما بينه وبين الله عهد, لا يوجد عهد بينه وبين الناس، إياك أن تعلق أملا على أن يفي إنسان بعهده معك، إن كان هو في عهده مع الله خائن، فليس فيه خير، وبشكل أقرب فإذا كان هناك إنسان عاق لوالديه لا ترجو منه خيرا، فلو كان فيه خير لكان لوالديه، والإنسان عاق في عبوديته لله، فأي إنسان لم يفى بعهد الله عز وجل, لا تنتظر منه وفاء لك لذلك عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقى”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى