مقال

الدكروري يكتب عن فما يكذبك بعد بالدين

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأثنين الموافق 26 فبراير 2024

الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد لقد توعد الله عز وجل لمن يكذب بالإسلام فقال تعالي ” فما يكذبك بعد بالدين” ومعني قوله تعالى ” فما يكذبك بعد بالدين ” أي أي شيء يكذبك أيها الإنسان بيوم البعث والجزاء على الأعمال، مع وضوح الأدلة على قدرة الله تعالى على ذلك، وقد رأيت أيها العبد من آيات الله تبارك وتعالى الكثيرة ما به يحصل لك اليقين.

ومن نعمه ما يوجب عليك ألا تكفر بشيء مما أخبرك به الله سبحانه وتعالى، ومعني قوله تعالى ” أليس الله بأحكم الحاكمين” أي أليس الله سبحانه وتعالى الذي جعل هذا اليوم للفصل بين الناس، بأحكم الحاكمين في كل ما خلق؟ بلى، فهل يترك الخلق سدى، لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون؟ لا يصح ذلك ولا يكون، فهل يعقل أن يترك الله جل وعلا عباده سدى دون أن يحكم بينهم، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته؟ ومن مقاصد السورة هو تأكيد تكريم الإنسان بخلقه في أحسن صورة، وذكر قيمته وشرفه بدينه، وسفوله وهوانه بتخليه عنه، والإشارة إلى أنه خُلق على الفطرة المستقيمة وهي الإسلام، والتعريض بالوعيد للمكذبين بالإسلام، والتنويه بحسن جزاء المصدقين، وكما ذكرت كتب الفقه الإسلامي إن القول في تأويل قوله تعالى. 

” والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين” فقيل بأن المفسرين لم يختلفوا في أن البلد الأمين هي مكة المشرفة، الآمن أهلها أن يحاربوا كما قال الله تعالى أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم وأما المقسمات بها قبل، ففيها أقوال للسلف لإحتمال موادها لكل منها، فعن مجاهد والحسن وغيرهما أن التين هو الذي يؤكل، والزيتون هو الذي يعصر، قالوا وخصهما لكثرة فوائدهما وعظم منافعهما، وعن قتادة أن التين هو الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون هو الذي عليه بيت المقدس، وعن كعب وابن زيد أن التين هو مسجد دمشق والزيتون هو بيت المقدس، فظهر أنهما الشجران المعلومان أو جبلان أو مسجدان، وصوب ابن جرير الأول منها، وعبارته والصواب من القول في ذلك عندنا، قول من قال التين، هو التين الذي يؤكل. 

والزيتون هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت، لأن ذلك هو المعروف عند العرب، ولا يعرف جبل يسمى تينا ولا جبل يقال له زيتون، إلا أن يقول قائل أقسم ربنا جل ثناؤه بالتين والزيتون، والمراد من الكلام، القسم بمنابت التين ومنابت الزيتون، فيكون ذلك مذهبا وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك، دلالة في ظاهر التنزيل ولا من قول من لا يجوز خلافه، لأن دمشق بها منابت التين، وبيت المقدس منابت الزيتون، وفيه نظر لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، كيف وجبل الزيتون هو من جبال فلسطين، معروف ذلك عند علماء أهل الكتاب والمؤلفين في تقويم البلاد، وقال صاحب كتاب الذخيرة في تعداد جبال فلسطين ويتصل بجبال إسرائيل جبل الزيتون، قال وقد دعي كذلك لكثرة الزيتون فيه، وهو قريب المسافة من أورشليم.

وفيه صعد المسيح لكي يرتفع إلى السماء، ويسمى أيضا طور زيتا إلى الآن، على أن فيما صوبه ابن جرير، تبقى المناسبة بينهما وبين طور سنين والبلد الأمين وحكمة جمعهما معهما في نسق واحد غير مفهومة، كما قاله الإمام، فالأرجح أنهما موضعان أو موضع واحد معظم، ويكون المقسم به ثلاثة مواضع مقدسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى