مقال

الدكروري يكتب عن ما أودعه الله في قلوب الأبوين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ما أودعه الله في قلوب الأبوين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله عز وجل لما خلق الخلق جعل عليهم حقا اعظم وهو حق عبادته وحده لا شريك له قال الله تعالى “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه” وقال سبحانه وتعالى “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا” ثم بين الله عز وجل في كتابه ونص عليه النبي عليه الصلاة والسلام في سنته ان بعد ذلك حقوقا للعباد لبعضهم على بعض فللأب والأم حق على أولدهما قال الله جل وعلى “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا” وقد نص الله تعالى في كتابه لما ذكر الأنبياء ذكر من صفاتهم انهم كانوا يحسنون الى آبائهم وامهاتهم برا ودعاءاً فذكر الله عز وجل عيسى عليه السلام فقال سبحانه وتعالى “وبرا بوالدتي” وذكر الله تعالى دعاء نوح عليه السلام لما دعى فقال “رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا”

 

وذكر الله تعالى دعاء سليمان عليه السلام فقال جل في علاه “فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي” وكلنا يرى ما أودعه الله في قلوب الأبوين من الرحمة للولد، حتى في البهائم، وهذا ليس بمستغرب إنما الذي يستغرب أن يفرط زمام هذه المحبة لدى الوالدين حتى يعود بالضرر على الولد، ولقد تفاقم الوضع وتعاظم الأمر وتطاير الشرر عندما تخلى الآباء عن مسؤولية التربية الصحيحة وأهملوا الإلمام بأسس العناية السليمة فليست التربية عنف كلها ولا رخو جلها بل شدة فى غير عنف ولين فى غير ضعف هكذا هي التربية، أما أن يعتقد أب أو تظن أم أن التربية تكبيل بالسلاسل وضرب بالحديد والمناشير وسجن في غرفة مظلمة مدلهمة.

 

فيخرج لنا جيل تسيل دماؤه، وتنتفخ أوداجه يخاف من خياله ويهرب من ظله، ويغضب ويثور لأتفه الأسباب، فيكن العداء لأمته، والبغضاء لوطنه، فليس ذلك بمطلوب ولا مرغوب، ألا فاعلموا أيها الناس أن شريعة الإسلام لم تأت بمثل هذا العنف والجبروت والهجية والعنجهية، بل الإسلام دين الرحمة والرأفة، لاسيما الرحمة ببني الإنسان، فاتقوا الله أيها الآباء في فلذات الأكباد، ولا يقودنكم الغضب لظلم أبنائكم والإساءة إليهم، ثم تطلبون صلاحهم وطاعتهم، فذلكم النقيض وضده ولا يلتقى النقيضان، وربما كان هناك آباء فقدوا زمام التربية، فانحل أبناؤهم وضاع أولادهم فلم ينصاعوا لأوامرهم، وهذا أمر مشاهد وملموس، فهؤلاء الشباب الذين تجاوزوا العشرين من أعمارهم أو أقل، تراهم في الطرقات، وفي السيارات.

 

ضياع وتيه تعرفهم بسيماهم، قبلتهم الملاعب، وتجارتهم المثالب، شرهم أكثر من خيرهم، آذوا الجار، وامتحنوا القريب وبعيد الدار، إذا سألت عن أخبارهم تنبؤك عنها طواقيهم وقبعاتهم، غطرسة وعربدة، أينعت رؤوسهم وحان قطافها، فأين عنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لقد فقدت الأمة درته، وسُلبت هيبته، فمن ضعف أمام أبنائه، فلا يتركهم هملا وسبهللا، وقال ابن القيم رحمه الله ” من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم ” ولقد بيّن أن الذين فقدوا شرع الله هم شر حتى من البهائم، بل أن البهائم أهدى منهم سبيلا.

 

فهذا الإنسان الذى فقد الدين، فقد تعاليم الإسلام، فعاد قاسي القلب، غليظ الطبع، لا يبالي بأى إنسان كائنا من كان، لماذا؟ لأنه في حياته لا دين يركن إليه، ولا مبدأ يؤمن به بل هو مجرم بطبيعته، ظالم بنفسه، سيئ فقد الإيمان، فقد الدين، فكل شر وبلاء هو مصدره، وهو منطلق من ذلك لأن الإسلام هو الذي يلين القلوب، ويجعلها تحترم الدماء والأموال والأعراض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى