مقال

الدكروري يكتب عن جلائل الأعمال الصالحة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن جلائل الأعمال الصالحة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن التابعين وأتباعهم هم الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية بعد قرنه، وتمنى رؤيتهم فيما صح عنه من قوله، وبشر بظهور الدين في زمانهم ونصره، وقد جاءت في السنة النبوية أحاديث كثيرة في فضائل التابعين ومنها،عن عمران بن حصين رضى الله عنهما يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” رواه البخاري ومسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم “لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحب من صاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رأى من رآني، وصاحب من صاحب من صاحبني” وكما خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس.

 

فقال في خطبته “إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في مثل مقامي هذا فقال “ألا أحسنوا إلى أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” وإن الصالحين على الرغم من اشتغالهم بالبيع والشراء، وما يحتاجون من عرض الدنيا، إلا أن ذلك لم يكن حائلا بينهم وبين استحضار عظمة الله جل جلاله، استحضارا يحمل على تقوى الله عز وجل وخشيته على الدوام، والقيام بعبوديته حق القيام، وهكذا شأن المؤمن حقا، يغتنم أيام العمر وأوقات الحياة بجلائل الأعمال الصالحة، ويبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة، لعلمه أن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا وسيلة للفوز بالحياة الباقية والظفر بالسعادة الدائمة، لا أنها غاية تبتغى، ولا نهاية ترتجى، بل إنما هي عرض زائل، يأكل منها البر والفاجر، وأنه مهما طال فيها العمر.

 

وفسح فيها للمرء الأجل، فسرعان ما تبلى، وعما قريب تفنى، وليس لها عند الله شأن ولا اعتبار، وإنما هي قنطرة إلى الجنة أو النار، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ولا تكونوا ممن استولت عليهم الغفلة، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله والدار الآخرة، وغرتهم الأماني الباطلة، والآمال الخادعة حتى غدوا وليس لهم همّ إلا في لذات الدنيا وشهواتها، فكيف حصلت حصّلوها، ومن أي وجه لاحت أخذوها، وإذا عرض لهم عاجل من الدنيا، لم يؤثروا عليه ثوابا من الله ورضوانا، فلتحذروا عباد الله من التمادي في الغفلة والإعراض عن الله، وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، فلقد ندد الحق عز وجل بالغافلين، وأشاد بالمتقين الذين جانبوا هوى النفس، وعملوا للدار الآخرة.

 

زإنﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻓﺘﺘﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻬﺎ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺼﺮ ﻧﻈﺮﻫﻢ، ﻭﺑﻴّﻦ الله تعالى لنا فى كتابه ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﻘﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ فضلا ﻋﻦ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﻥ ﺑﻬﺎ، ﻭﺍﻻﻧﻬﻤﺎﻙ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺛﻤﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺘﻌﺐ، ﻭﻟﻤﺎ ﺗﺸﻐﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، ﻭﺗﻠﻬﻴﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻪ ﻓﻲ ﺁﺧﺮﺗﻪ، ﻭﺯﻳﻨﺔ ﻻ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺮﻓﺎ ﺫﺍﺗيا ﻛﺎﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، ﻭﺗﻔﺎﺧﺮ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻣﺒﺎﻫﺎﺓ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﻋﻈﻢ ﺍﻟﺠﺎﻩ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال “مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد ألقاها أهلها، فقال والذي نفسي بيده، للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها” رواه احمد، فإن فى الحديث تصوير لحقيقة هذه الحياة الدنيا.

 

وما يجب أن يكون عليه حال المرء فيها من الإقبال على الله جل وعلا، والأخذ بالنفس في دروب الصلاح والتقى، ومجانبة الشهوات والهوى، والحذر من الاغترار بالدنيا، غير أن من عظيم الأسف أن يظل الكثيرون منا في غفلة وتعام عن ذلك، حتى غلب عليهم طول الأمل، وران على قلوبهم سوء العمل، وكأن لا حياة لهم إلا الحياة الدنيا، وإذا استولى حب الدنيا على قلب المرء أنساه ذكر ربه، وإذا نسي المرء ذكر ربه أنساه تعالى نفسه حتى يورده موارد العطب والهلاك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى