مقال

الدكروري يكتب عن التربية الذاتية للشباب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التربية الذاتية للشباب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إياكم وعقوق الوالدين فإنه من كبائر الذنوب وموبقاتها، وإياكم وعقوق الوالدين فإنه يوجب سخط الله تعالى وغضبه، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد” رواه الترمذي، وإياكم وعقوق الوالدين فإنه يذل صاحبه يوم القيامة ويمنعه من دخول الجنة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة، العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى” رواه أحمد، وعندما نتحدث عن التربية الذاتية أو عن دور الشاب في تربية نفسه فإننا نقصد بها ذلك الجهد الذي يبذله الشاب من خلال أعماله الفردية.

 

أو من خلال تفاعله مع برامج عامة وجماعية لتربية نفسه فهي تتمثل في شقين، فالأول هو جهد فردي بحت يبذله الشاب لنفسه، والثاني وهو جهد فردي يبذله من خلال تفاعله مع برامج عامة، وعندما نطالب الشاب بأن يدرك مسؤوليته عن تربية نفسه، ونطالب الشاب بأن يقوم بجهد في تربية نفسه، فإننا نقول لكل شاب، بل نقول لكل مسلم صغيرا كان أم كبيرا، ذكرا كان أم أنثى لابد أن تتحمل مسؤوليتك في تربية نفسك، فالذي يدفعنا لذلك مبررات عدة، منها هو مبدأ المسؤولية الفردية فإن المسلم بل كل إنسان في هذه الحياة مسؤول مسؤولية فردية فيقول الله تعالي “ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى” ويقول سبحانه وتعالي “كل نفس بما كسبت رهينة”

 

فإنك حين تقرأ في نصوص القرآن الكريم أو في نصوص السنة النبوية الشريفة تجد التأكيد الواضح على أن كل فرد مسؤول مسؤولية خاصة عن نفسه، حتى ذاك الفرد يتعرض إلى الإضلال والغواية من خلال الضغط الذي يمارسه عليه غيره، سواء أكان ضغطا نفسيا أم ضغطا اجتماعيا، أيا كان مصدر هذا الضغط، لا يعفيه ذلك من المسؤولية، ونقرأ في القرآن الكريم في آيات عدة نماذج من الحوار الذي يدور يوم القيامة بين الذين اتبعوا وبين الذين اتبعوا، أو بين الذين استضعفوا والذين استكبروا، فيأتي المستضعفون يطالبون أولئك المستكبرين الذين كانوا سببا في إضلالهم وغوايتهم أن يتحملوا عنهم جزءا من العذاب فيقول تعالي.

 

” وقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص” ويقول عز وجل علي لسان حالهم “ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان له من الوزر مثل أوزار من تبعه غير أنه لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا” وفي الحديث الآخر “ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا” فهذا فلان من الناس اتبع زميله أو صديقه أو أباه، وسار وراءه وأصبح ظلا له.

 

حتى قاده إلى طريق الضلالة والانحراف سيأتي يوم القيامة هذا الذي أضله يحمل وزر نفسه ووزر هذا الذي أضله فيقول تعالي ” ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون” ولكن هذا المستضعف لن يعفيه ذلك من المسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، ولن يغنيه أن يتلفت يمنة ويسرة، تارة يطالب صاحبه الذي أضله، وتارة يرجو منه أن يتحمل عنه جزءاً من العذاب فيقول تعالي ” إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار” ومع ذلك لا يعفيه من العذاب، أليس هذا وحده دال على المسؤولية الفردية للإنسان، في أي بيئة وفي أي مجتمع وجد، وحتى لو سار وراء صاحبه وهو يظن أنه يحسن صنعا فإن ذلك لا يعفيه أمام الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى