مقال

الدكروري يكتب عن رفعة الدين ونصرة الدعوة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رفعة الدين ونصرة الدعوة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن أقرب الخلق من الله سبحانه وتعالى ملائكته الدائبون في عبادته، الدائمون على ذكره، وخوفهم من الله تعالى عظيم، وخشيتهم له كبيرة، وإن من أسباب ديمومتهم على التسبيح هو خوفهم من الله تعالى، فإنهم يخافون عذاب الله تعالى مع أنهم معصومون من الخطأ، لكنهم لا يأمنون مكره سبحانه، وإذا قضى الله تعالى أمرا خافوا خوفا شديدا، كما أخبر عنهم أعلم الناس بهم وبخوفهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ربعي بن عامر يرسله سعد بن أبي وقاص إلى القادسية رسولا إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم، فدخل عليه، وقد زينوا مجلسه بالنمارق والزرابي والحرير، وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة العظيمة.

 

وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب مرقعة صفيقة وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبه حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسادات، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، وبيضته على رأسه، فقالوا له ضع سلاحك، فقال إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، فقال رستم ائذنوا له فأقبل متوكئا على رمحه فوق النمارق فتخرق عامتها فقالوا له ما جاء بكم؟ فقال الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فلقد ضرب لنا جيلنا الأول.

 

من الصحابة والتابعين أروع ما عرفه التاريخ من التضحيات والإقدام والشجاعة حتى خافت الفرس والروم آنذاك من هذا السيل الجارف والقوة الكاسرة، ولقد كانت المبادئ عندهم والغايات التي يسعون لتحقيقها هي رفعة الدين، ونصرة الدعوة وحماية العقيدة فبذلوا لتحقيقها كل غاية ووسيلة صغرت أم كبرت، وكان هذا الهم وهذه المبادئ لا يختص به الرجال فقط بل حتى النساء والصبيان، فهذا الزبير بن العوام كان جالسا يوما عند الكعبة مسندا ظهره إليها، وإذا بمناد ينادي لقد قتل محمد، لقد قتل محمد، فقام الزبير فزعا مضموما وسل سيفه، وانطلق يبحث عن مصدر الصوت، وكان عمره آنذاك اثني عشرة سنة.

 

فبينما هو كذلك إذا به يقابل النبي صلى الله عليه وسلم فانكب عليه، فقال يا رسول الله لقد سمعت عنك كذا وكذا، ووالله لقد خرجت بسيف لأقابل قريش أجمع أقتل أو يقتلوني، فكان الزبير عمره اثنا عشرة سنة وهذه اهتماماته وهذه بطولته، يريد أن يقاتل قريشا أجمع وحده ثأرا للنبي صلى الله عليه وسلم، إن الدنيا هي دار اختبار، وحقوق الخلق ميدان ابتلاء، ومن أعظم ما يحمل على خفرها والاستخفاف بأدائها إهمال محاسبة النفس وغياب استحضار الحساب الأخروي وذاك ما حمل الطغاة على العتو والبغي على العباد ، وإن هذه الحياة دار سعي وعمل، وإن الآخرة دار حساب وجزاء، وإن يوم القيامة هو يوم العدل المطلق.

 

فيه توفى الحقوق وتسترد المظالم، وإنه يوم العدل فلا ظلم اليوم، فيقتص الله للمظلومين، فيأخذ من حسنات هذا المحسن الظالم، ويعطي المظلوم، فما زالت الحسنات تؤخذ منه وتنقل من ميزانه إلى ميزانهم وهو ينظر حتى تفنى كلها، فإذا بقي مظلومون ولا حسنات، أخذ من سيئات المظلوم فطرحت على هذا المسكين ثم يطرح في النار، وإذا كان الإنسان في هذه الحياة يسعى ليجمع ثروة من المال يعيش بها في هناءة وسعادة، وتغنيه عن الحاجة للعباد، فإن طالب النجاة يوم القيامة أولى أن يسعى ليجمع ثروة من الحسنات ، حتى ينال بها سعادة الآخرة، ويفوز بها بالجنة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى