مقال

الدكروري يكتب عن النبي وإنشاء سوق المدينة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن النبي وإنشاء سوق المدينة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن آخر ساعة في حياة الإنسان هي الملخص لما كانت عليه حياته كلها، فمن كان مقيما على طاعة الله عز وجل بدا ذلك عليه في آخر حياته ذكرا، وتسبيحا، وتهليلا، وعبادة، وشهادة، وقد كانت هناك عدة أفكار تشغل بال النبي صلى الله عليه وسلم في أنشاء سوق بالمدينة بعد هجرته الشريفة إليها، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء سوق المدينة فضربه برجله وقال “هذا سوقكم فلا يضيق، ولا يؤخذ فيه خراج” وهذا يعني عدة أمور من الناحية العملية منها جعلها سوقا واسعة تتسع للجميع، ومنع تضيقه أي التجاوز على أرضه أو أقتطاع مكان معين لشخص معين، فضلا عن أتساعه للخبرات المكية الوافدة.

 

وفك الشراكة مع بني قينقاع في التجارة، فضلا عن أعفاء من يزاولون التجارة فيها من الضرائب أي جعلها سوق حرة وفق التعبير المعاصر، أضافة الى جعلها ملكية عامة للتجار فليس لأحد فيها مُلك خاص، فهي لهم جميعا بحيث يكون الوقوف في موضع البيع حسب أسبقية الحضور، وهو أمر يعكس القدرة العقلية الفذة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأمكانيته في أدارة الدولة الحضارية، ولم تقف أجراءات النبي صلى الله عليه وسلم عند هذا الحد، فقد أقتضت سيرته العطرة في التجارة أن تزال أسباب الخلاف المترتبة على المعاملات التجارية، والتي تنطوي على الكثير الظلم، وتتسبب بالخلافات بين التجار ومن امثال هذه الامور.

 

الربا والغش والغرر واستقبال الناس عند بداية السوق واخذ بضائعهم بثمن اقل من ثمن السوق وبيع المحصول قبل أوانه وغيرها الكثير، مما أعطى الحياة الأقتصادية في المدينة النبوية الأمان من خلال الثقة التي لمسها التجار من النبي والمسلمون، وأصبح سوق المدينة الفتي حديث الناس في صدق التعامل ومنع الجور والاستغلال، ولكن ما هو الرد على من يتخذ قصة تولية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب السيدة الشفاء العدوية على حسبة السوق في جواز الولايات العامة للمرأة والقضاء؟ وهل القصة ثابتة؟ فأما عن تولية عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشفاء بنت عبدالله القرشية العدوية حسبة السوق، فقد وردت في كتب التراجم والسير.

 

ففي تهذيب الكمال عند ترجمة الشفاء قال وكان عمر بن الخطاب يقدمها في الرأي ويرضاها ويفضلها وربما ولاها شيئا من أمر السوق، وفي تهذيب التهذيب مثل ذلك وفي الإصابة أيضا، ولكن هذه القصة لا تعتبر حجة في إباحة تولية المرأة الولايات العامة والقضاء، إذ المناصب القيادية والمسؤوليات الكبرى يلزم أن تكون بأيدي الرجال الأكفاء، وقد أجمع أهل العلم على أن الإمامة الكبرى تشترط لها الذكورة لما أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي بكر الصديق رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” والقضاء ومافي معناه من الولايات كذلك فتشترط لها جميعا الذكورة.

 

إلا عند الحنفية، فقد أباحوا للمرأة تولي القضاء واستثنوا لها الحدود فلا تحكم فيها النساء عندهم، وإنها تجارة رابحة في أبغض البقاع إلى الله عز وجل كي تحصل على مليون حسنة، وتحط عنك مليون سيئة، فقل كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “من دخل سوقا من الأسواق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة” فكن من هؤلاء الذاكرين كي تحظى بهذا الأجر العظيم، وكما يجب عليك اجتناب مرافقة النساء إلا لضرورة، فلا تأخذ إحدى نساء بيتك معك إلا لحاجة لا بد منها تستدعي وجودها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى