ثقافةدين ودنيا

الدكروري يكتب عن العمر قصير والهدف سام

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن العمر قصير والهدف سام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أبا بكر الصديق رضى الله عنه إلى الإسلام فأسلم، إذا بالصديق رضى الله عنه يستشعر المسؤولية، ويجد في الدعوة الفردية، فيسلم على يديه صفوة من خيار الصحابة منهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فكانوا نعم الأعمدة الشامخة لدعوة الله، ونصرة الإسلام، فهذا هو أبو بكر الصديق صاحب الجسم النحيف، فهو ضعيف الجسد، ولكنه قوي الهمة والإرادة، كان يقول عن نفسه ” والله ما نمت فحلمت, ولا سهوت فغفلت, وإنني على الطريق ما زغت” فكانت هذه الكلمات تعبر عن مدى تغلغل مفهوم الجدية.

في نفس أبي بكر الصديق فالعمر قصير والهدف سام، ولا وقت للهزل، فمن جد وجد، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصحيحين في الشفاعة “يترك الله عز وجل الناس بعضهم يموج في بعض، أى لا يقضي بينهم بحساب، فيبلغون من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعضهم لبعض ألا ترون ما بلغكم؟ ألا تنظرون أحدا يشفع لكم عند ربكم؟ فيذهبون إلى آدم فيقول لست لها، ويحيلهم على نوح عليه السلام، وهو أول أولي العزم من الرسل، فيقول لست لها، فيحيلهم على إبراهيم، ثم يحيلهم إبراهيم على موسى الكليم عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم، ثم يذكر نبى الله موسى القبطي الذي قتله فيحيلهم على نبى الله عيسى.

فيقول عيسى لست لها، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ” أنا لها أنا لها، فيدخل على ربه عز وجل، فإذا رأى ربه عز وجل خر ساجدا” فيقال “ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فيشفع في الخلائق كلهم” فالله عز وجل يترك الناس يموج بعضهم في بعض، كما قال تعالى فى سورة الكهف “وتركنا بعضهم يؤمئذ يموج فى بعض ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا” ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه “تدنو الشمس من العباد فتكون على قدر ميل أو ميلين” ثم يقول ابن مسعود رضي الله عنه لا أدرى الميل مسافة، أو الميل ما يكتحل به، فتكون على قدر ميل أو ميلين.

فتصهرهم الشمس، فمنهم من يبلغ عرقه إلى عقبيه، ومنهم من يبلغ عرقه إلى حقويه، أى إلى وسطه، ومنهم من يلجمه إلجاما” وفي الحديث الآخر “تدنو الشمس من العباد فتصهرهم، فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، فمنهم من يغيب في رشحه، أى فى عرقه إلى عقبيه، ومنهم من يغيب في عرقه إلى حقويه أى عظام الحوض، ومنهم من يبلغ عرقه إلى أنصاف أذنيه” فكربات الآخرة الشديدة هذه يخففها الله عز وجل عمن يخفف كربات المؤمنين، فتنفيس الكربة هو تخفيفها، وإزالة الكربة أبلغ من التخفيف، فتنفيس الكربة مأخوذ من فك الخناق حتى يأخذ نفسا، فجزاء التخفيف التخفيف، وجزا التنفيس التنفيس.

وجزاء التفريج بالكلية التفريج بالكلية، فمن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والتيسير من جهة المال إن كان مدينا، كما قال الله عز وجل فى سورة البقرة ” وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة” أى من كان لك عنده حق وعلمت أنه معسر لا يستطيع السداد فالشرع يوجب عليك أن تنظره وتؤجله حتى يتيسر حاله، وأبلغ من ذلك أن تترك له هذا المال من أجل أن تساعد في تيسير حاله، وأبلغ من ذلك أن تمده بمال جديد حتى يتيسر حاله على الفور، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “كان رجل يداين الناس” أى يعطيهم المال يقرضهم، فإذا رأى معسرا قال تجاوزوا عنه، أى سامحوه في هذا الدين لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه” وفي رواية ” وقال الله عز وجل، نحن أحق بذلك منه، تجاوزوا عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى