ثقافةدين ودنيا

الدكروري يكتب عن فريضة الصيام

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فريضة الصيام

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

إن فريضة الصيام، هي صيام شهر رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يدع فيه الصائم الطعام والشراب والجماع عبادة لله سبحانه وتعالى، ويكف نفسه عن شهواتها، وقد خفف الله الصيام عن المريض والمسافر والحامل والمرضع والحائض والنفساء فلكل منهم حكم يناسبه، وفي هذا الشهر يكف المسلم نفسه عن شهواتها فتخرج نفسه بهذه العبادة من شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقربين، حتى إن الصائم ليتصور بصورة من لا حاجة له في الدنيا إلا في تحصيل رِضى الله، والصيام يحيي القلب، ويزهّد في الدنيا، ويرغب فيما عند الله، ويذكر الأغنياء بالمساكين وأحوالهم فتعطف قلوبهم عليهم.

ويعلمون ما هم فيه من نعم الله فيزدادوا شكرا، والصيام يزكي النفس، ويقيمها على تقوى الله، ويجعل الفرد والمجتمع يستشعر رقابة الله تعالى عليه في السراء والضراء في السر والعلانية حيث يعيش المجتمع شهرا كاملا محافظا على هذه العبادة، ومراقبا لربه، يدفعه إلى ذلك خشية الله تعالى والإيمان بالله وباليوم الآخر، واليقين بأن الله يعلم السر وأخفى، وأن المرء لابد له من يوم يقف فيه بين يدي ربه فيسأله عن أعماله كلها صغيرها وكبيرها، فنرى أن الإسلام لم ينظر إلى الصوم على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة، بل اعتبره خطوة إلى حرمان النفس دائما من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكرة.

وإقرارا لهذا المعنى فقال النبي صلى الله عليه وسلم “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه” وقال أيضا “ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل إني صائم” فنجد في قول الله الحكمة من الصيام وهى تحصيل التقوى، وتأتى أقوال النبي صلى الله عليه وسلم بالتوجيه إلى كيفية تحصيل التقوى، إذ يتضح منها أن الصوم كما أنه عن الطعام والشراب الشهوات، فإنه أيضا عن سوء القول والفعل، وإن لم يكن كذلك فليس لله حاجة فيه، وإن أهل الجنة ما استحقوها إلا لأنهم صبروا وما جزعوا، واعلموا أن الله تعالى لا يبتلي إلا من أراد به خيرا.

وإن الله تعالى ليُنزل البلاء على عباده، فمنهم من يتلقاه بقلب صابر مُحتسب ونفس مطمئنة، فينعم بالأجر والثواب والدرجات العُلى، ومنهم من يتلقاه بقلب جزع ونفس يائسة، وهذا حرم نفسه من خير وأجر كبيرين، والصبر له أقسام ثلاثة أولها وأعظمها هو الصبر على طاعة الله تعالى، بأن يُلزم المرء نفسه على طاعة الله تعالى وعلى العبادات، ويؤديها كما أمره الله عز وجل دون نقصان، فلا يتضجر منها ولا يتذمر، بل ينتظر أداء الطاعة تلو الطاعة لعلمه بما أعد الله تعالى على التزامه، فإن الله تعالى وعد المؤمنون أن يكافأهم على كل حسنة عشر حسنات، ثم يضاعفها لهم إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

والله يضاعف لمن يشاء، فعطاؤه واسع لا انقطاع له، والصبر على الطاعة يجعل المرء يألف العبادة ويحبها، بل وينتظرها بفارغ الصبر، واعلموا أن ثاني أنواع الصبر هو الصبر عن المعصية، فإن إمساك النفس عن الوقوع في المعاصي والمنكرات لا سبيل للمؤمن إليه دون الصبر والاستعانة بالله تعالي، فيبقى العبد متيقظا وحابسا نفسه عن كل ما يُغضب خالقه، ويحبس نفسه عن الوقوع بها سواء في خلوته أو في العلن، ويسارع إلى ترك المعاصي، ولا يظلم نفسه بارتكابها، لأنه يعلم ما أعده الله تعالى يوم القيامة للعاصين الظالمين أنفسهم، ومَن صبر عن ارتكاب المنكرات عزفت نفسه عنها، وكرهها، وكره أصحابها.

والمجالس التي يُعصى فيها الله تعالي، فالجنة محفوفة بارتكاب المكاره، ومن ركبها وتحملها وصل إلى الفوز الأبدي الخالد، والنار محوطة بالشهوات واللذات مَن ركبها واستلذ بها هلك في نار جهنم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى