مقال

الدكروري يكتب عن الطاعات والطيبات لله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الطاعات والطيبات لله

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الرسل الكرام عليهم السلام هم أعلم الناس بالله تعالى، وأنصحهم لعباده فكانوا أشدهم خشية له، وخوفا منه لعلمهم بسرعة انتقامه، وشدة عذابه ولذا حذروا أقوامهم من معصيته، فأولئك الأنبياء والصالحون عرفوا الله تعالى فعظموه، ورجوا رحمته فأطاعوه، وخافوا عذابه فلم يعصوه، وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد بلغ الغاية في معرفة الله تعالى ومحبته ورجائه والخوف منه، وكان ناصحا لأمته، رحيما بها، مشفقا عليها، يحذرها بطش الله تعالى وعذابه، ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم لحرصهم على الطاعات وما يقرب من رضا الله عز وجل.

 

كثيرا ما يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، وأكثرها قربةً إلى الله تعالى، فكانت إجابات النبي صلى الله عليه وسلم تختلف باختلاف أشخاصهم وأحوالهم، وما هو أكثر نفعا لكل واحد منهم، وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس” أي أكثر من ينتفع الناس بهم، وهذا لا يقتصر على النفع المادي فقط، ولكنه يمتد ليشمل النفع بالعلم، والنفع بالرأي، والنفع بالنصيحة، والنفع بالمشورة، والنفع بالجاه، والنفع بالسلطان، ونحو ذلك، فكل هذه من صور النفع التي تجعل صاحبها يشرف بحب الله له ” وأحب الأعمال إلى الله سرور يدخله على مسلم”

 

أي إن أحب الأعمال هي السعادة التي تدخلها على قلب المسلم، وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأفراد، فقد يتحقق السرور في قلب المسلم بسؤال أخيه عنه، وقد يتحقق بزيارة أخيه له، وقد يتحقق بهدية أخيه له، وقد يتحقق بأي شيء سوى ذلك، الأصل أن تدخل السرور عليه بأي طريقة استطعت ” أو يكشف عنه كربة ” والكربة هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الهم والغم، فمن استطاع أن يكشف عن أخيه كَربه، ويرفع عنه غمه، فقد وفق بذلك إلى أفضل الأعمال ” أو يقضي عنه دينا ” أي تقضي عن صاحب الدين دينه وذلك فيمن يعجز عن الوفاء بدينه ” أو تطرد عنه جوعا ” أي بإطعامه أو إعطائه ما يقوم مقام الإطعام ”

 

ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة شهرا” ففي قوله هذا إشارة إلى فضل المشي مع المسلمين في قضاء حوائجهم، وتيسير العقبات لهم، حتى جاوز هذا الفضل الاعتكاف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدل هذا إلا على عظيم فضل السعي بين المسلمين لقضاء حوائجهم ” ومن كف غضبه ستر الله عورته ” وفيه إرشاد إلى ما يجب أن يأخذ المسلم به نفسه وقت الغضب، من كف الغضب وكظم الغيظ، وأن عاقبة ذلك طيبة، وهي ستر الله عز وجل لعورته ” ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ”

 

وهذا فضل من كظم غيظه لله، مع استطاعته أن يمضي غيظه، ولكنه كظمه ومنعه لله ولأن هذا الأمر عزيز على النفس، فكان فضله عظيما ” ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له” أي حتى تقضى له ” أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ” أي ثبت الله قدمه يوم القيامة على الصراط، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ” وإن سوء الخلق يفسد العمل، كما يفسد الخل العسل” ختم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه العبارات، وهذا الإرشاد، بعد أن أرشد السائل إلى أحب الأعمال إلى الله تعالى، وكأنه أراد أن يقول له إن فعلت هذه الأعمال الصالحة، فإياك أن يفوتك حسن الخلق فإن سوء الخلق يفسد الأعمال الصالحة فسادا عظيما، كما يفسد العسل إذا وضع عليه الخل، فعليك إذن أن تجتنب سوء الخلق فإن سوء الخلق يحبط الأعمال، ويضيع الثواب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى