مقال

الدكروري يكتب عن العقاب ما بين المنع والجلب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العقاب ما بين المنع والجلب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الولاية هي ولاية الله سبحانه وتعالى، وتسمى كذلك بالولاية الأصلية وولاية الآصال والولاية الاستقلالية، لأنها الأصل والمصدر لكل مراتب الولاية الأخرى، والأصل الذي تتفرع منه تلك المراتب، وهي الولاية التي يستقل العقل بالقول بها وفرضها وإنشائها والاعتقاد بها، ويؤمن بها حتى لو لم يكن هناك نصّ ديني، والنصوص الدينية عليها مؤكدة لتأسيسه، وليست مؤسسة لأمر جديد، فالأصل يقتضي أن لا ولاية لأحد على أحد، ثم يُخصص هذا الحكم العقلي العام بمخصصات عقلية أخرى تقضي بولاية الله على البشر لأنه الخالق، فله الولاية على خلقه، ولأنه المنعم، فله ولاية على من أنعم عليهم.

 

وشكر المنعم التام يقتضي تلك الولاية، ولأن البشر ممكن الوجود، ووجوده متقوّم بوجود الباري تعالى واجب الوجود، ولا وجود استقلالي للممكنات دون الواجب، فهو وليّها والقائم عليها، ولأنه لابد من حفظ النظام، ولابد من سائس وولي يسعى لاستخراج القانون الأصلح للمجتمع وتنفيذه، والعقل يحكم بضرورة هذا لكي يتعايش الناس، وتسير أمورهم، كما يحكم أن الله العارف العليم الخبير بشؤون البشر هو الأولى أن يضع لهم ذلك النظام والتقنين والتشريع وهي الشريعة الإسلامية، فيقول تعالي في الحديث القدسى ” وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك وإني أدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير‏”

 

وقد روي ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب الذنب فينسى به الباب من العلم، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل، وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به رزقا قد كان هيىء له، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم “فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم” قد حرموا خير جنتهم بذنبهم ” فتنادوا مصبحين” الى ان قال “فانطلقوا وهم يتخافتون” أي يتسارون بالحديث “الا يدخلنها اليوم عليكم مسكين” فكانت العقوبه حصلت لهم بالليل بعدما بيتوا النية السيئه ثم بين الله لنا هنا كيف خرجوا من بيوتهم وهم مصرين على منع الفقراء.

 

وكيف كانوا يتناجون ويتسارون بالحديث حتى لا يشعر بهم الفقراء، فيقول تعالي “وغدوا على حرد أي غدوا على منع للفقراء قادرين” ويقول تعالي “فلما راوها قالوا انا لضالون أي تائهون” ويقول تعالي ” بل نحن محرمون” ويقول تعالي “كذلك العذاب ” فهذه الكلمة كذلك العذاب يدور محور القصة عليها، لما كانت الخسارة كبيرة كانت سببا في عودتهم الى الله وكانت سببا في توبتهم وندمهم ومحاسبتهم لانفسهم وفي اقبالهم وندمهم، ولولا تأديب الله لهم لما كان هذا الكلام منهم ياويلنا انا كنا ظالمين كما قيل لولا هذه الشدة لما كانت هذه الشدة، قد تجد تسعين في المائة من توبه الناس كانت بسبب التضييق عليهم لان العذاب في الدنيا.

 

موظف للخير بعض الناس لايفكر في صلاة ولا طاعه عنده مال وقوة وصحه وجاه وابهة فما قال يوما يا رب فلما افلس قال يا الله، وقد سئل بعض العلماء بعد ان مكث يدعوا الى الله عشرين سنة ما ملخص دعوتك فقال اذا لم تاتي الى الله مسرعا جاء بك اليه مسرعا بمعنى اخر اذا لم تأتي الى الله عز وجل برجليك جاء بك على وجهك فكذلك اصحاب الجنة قال لهم اخوهم لولا تسبحون فاقسموا ليصرمنها مصبحين فلما احرق الله جنتهم كلها وعاقبهم قالوا انا الى الله راغبون وقبلها كانوا لايقبلون النصح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى