مقال

الدكروري يكتب عن مظاهر الرجولة الحقيقية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مظاهر الرجولة الحقيقية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الغيرة مظهر من مظاهر الرجولة الحقيقية، كيف لا وهي صيانة للأعراض، وحفظ للحرمات، وتعظيم لشعائر الله، وحفظ لحدوده، وهي دليل على قوة الإيمان، ورسوخه في القلب، ولقد رأينا هذا الخُلق يستقر في نفوس العرب حتى الجاهليين الذين تذوقوا معاني هذه الفضائل، فربما قامت الحروب غيرة على المرأة وحمية، وحفاظا على عرضها، ومحبة الله هي أصل الدين، فمن كان في قلبه محبة الله ورسوله ودينه أثمرت هذه المحبة غيرة على الشرع، وغيرة من أن تنتهك حرمات الله عز وجل، وإذا غابت هذه الغيرة كان ذلك دليلا على ضعف المحبة الواجبة أو ذهابها، وإنه لا تقوم الساعة حتى تنقض عرى الإيمان عروة عروة.

 

ولا تقوم الساعة حتى يذهب خيار الناس ويبقى شرارهم، وأما الذي لا يغار فلا خير فيه وإنه يسلك سبيلا إلى النار ويبتعد بنفسه عن الجنة، بل يجعل عرضه مباحا لكل من هبّ ودبّ، وهذا هو الديوث، إنه الذي لا يغار على عرضه أو يعلم بفحشهم وسوء سلوكهم ويغض الطرف عن ذلك، إنه يعرض نفسه للذل والهوان، فما زال العرب والمسلمون يعظمون شأن الأعراض والحرمات فيعظمون من يدفع عن عرضه وحريمه ولو بذل في سبيل ذلك ماله وروحه، ومن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها أو أن لها عليه دينا وهو عاجز أو صداقا ثقيلا، أو له أطفال صغار، ولا خير فيمن لا غيرة له، فمن كان هكذا فهو الديوث.

 

وبل يعجب المرء حين يرى هؤلاء من أشباه الرجال، يشترون لنسائهم الثياب التي تكشف أكثر مما تستر، وتشف وتصف مفاتن الجسد وهو فرح باطلاع الناس على عورات نسائه ومن ولاه الله أمرهن، مفاخر بتحررهن من العفة والفضيلة وسيرهن في طريق الفاحشة والرذيلة، ومثل هذا ميت في لباس الأحياء، فيا أولياء الأمور من آباء وأمهات، ليست مسؤوليتكم اليوم هي الكساء والغذاء فحسب وإنما مسؤوليتكم غرس القيم وبناء الجيل الصالح الذي يصلح نفسه ويخدم دينه ويحفظ وطنه لذلك أصبحت مسؤوليتكم أعظم، فاتقوا الله في هذه الرعية التي استرعاكم الله إياها من بنين وبنات، وتذكروا قول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

“ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة ” فإن الديوث هو الذي لا يغار على أهله ومحارمه ويرضى بالمعصية والفاحشة والخنا عليهم، ولاشك أن هذا يتنافى مع الدين، فلا دين لمن لا غيرة له، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة، العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث” رواه أحمد والنسائي، وإيضاح هام ؟ وهو أن المعروف أن الديوث هو الذي يرضى الفاحشة في أهله، ويرضى ويقر بأن تزني ويرضى بفعلها الفاحشة فإن هذا هو الديوث الذي يرضى بالمعصية والشر في أهله، أي الفساد في أهله ويقرهم على ذلك وربما دعا إلى ذلك وأخذ عليه المال.

 

نسأل الله العافية والسلامة، ولكن إقرارهم على المعاصي التي تدعو إلى الزنا نوع من الدياثة، وإقرارهم على رؤية العراة من الرجال أو سماع الأغاني أو آلات الملاهي فقد يدعو إلى الدياثة، وقد يدعو إلى الفساد هذا، ولكن ليس هذا هو الدياثة لكنه وسيلة إلى الدياثة ووسيلة إلى الشر، والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى