مقال

الدكروري يتكلم عن بعوضة فما فوقها

جريدة الاضواء

الدكروري يتكلم عن بعوضة فما فوقها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الابتلاء الذي يتعرض له المسلم في حياته، بما فيه من مشقة وشدة، وعسر ومعاناة ، إلا أن فيه منحا إلهية، وجوائز ربانية، جعلها الله لعباده المؤمنين، وللمجتمع والأمة المسلمة فمن ذلك تكفير الذنوب والخطايا، ورفع الدرجات، وتطهير النفوس وتزكيتها، وربطها بخالقها، والتمكين والنصر، والتمييز والتمحيص، بين العباد، ومعرفة أهل الصدق، والصبر والإيمان، وكشف وفضح أهل الخيانة والكذب والنفاق، ويقول الله عز وجل “مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا” قال المشركون أرأيتم أي شيء يصنع بهذا فأنزل الله عز وجل “إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها” وروي عن الحسن وقتادة أن الله لما ذكر الذباب والعنكبوت في كتابه.

 

وضرب بها المثل ضحك اليهود وقالوا ما يشبه أن يكون هذا كلام الله، فأنزل الله إن الله لا يستحيي الآية، والوجه أن نجمع بين الروايتين ونبين ما انطوتا عليه بأن المشركين كانوا يفزعون إلى يهود يثرب في التشاور في شأن نبوءة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وخاصة بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فيتلقون منهم صورا من الكيد والتشغيب فيكون قد تظاهر الفريقان على الطعن في بلاغة ضرب المثل بالعنكبوت والذباب، فلما أنزل الله تعالى تمثيل المنافقين بالذي استوقد نارا وكان معظمهم من اليهود هاجت أحناقهم وضاق خناقهم فاختلفوا هذه المطاعن، فقال كل فريق ما نسب إليه في إحدى الروايتين ونزلت الآية للرد على الفريقين.

 

ووضح الصبح لذي عينين، وفسر العلماء أنه تعني كلمة “فوق” الزيادة في الحجم، أي أن الله يضرب المثل بالبعوضة وبما هو أكبر منها حجما، وإما أن تعني الزيادة في الوصف، أي أن الله عز وجل يضرب المثل بالبعوضة وبما هو أحقر وأدنى منها، ولكن حديثا وبعد اختراع المجاهر الإلكترونية، يتضح بأن هذه الكلمة عبارة عن ظرف مكان، وذلك بعد اكتشاف الطفيليات والكائنات الحية الدقيقة التي تعيش على ظهرها، فيصبح معنى الآية أن الله تعالى يضرب المثل بالبعوضة وبما يعيش فوقها من كائنات لا نبصرها بعيننا المجردة، وإن في الإشارة الى وجود هذه الكائنات الحية إعجاز فمن كان يتخيل وجود مثل هذه الكائنات الحية في زمن النبي صلي الله عليه وسلم.

 

وكيف يجرؤ أحد على ذلك وهي لا ترى إلا بالمكروسكوب، وإن وجود هذه الكائنات الحية الدقيقة على ظهر البعوضة ليس أمرا مميزا لها، فهناك الكثير من الكائنات التي تشترك في هذا، ولكن في الحقيقة إن البعوضة لا تحمل فقط البكتيريا والفيروسات كباقي الكائنات، فهي تحمل الطفيليات التي هي أرقى رتبة من البكتيريا والفيروسات، وتعد أعقد منها بكثير، حيث يعد البعوض من أشهر الكائنات التي تنقل هذه الطفيليات التي تصيب الإنسان والحيوان، والتي هي وراء العديد من الأوبئة التي فتكت بالملايين على مر التاريخ، ومن منا يصدق أن في خرطوم البعوضة ست سكاكين، أربعة سكاكين تقطع جلد الذي تلسعه، وسكينان تلتئمان مع بعضهما بعضا فتكونان أنبوبا حاد الأطراف يغرس في جسم الغلام.

 

أربع سكاكين تقطع اللحم بها وأنبوب أساسه، سكينان ملتئمان يغرس في جسم الطفل كي يمتص دمه، لكن بعد أن تطير يذهب التخدير فيشعر باللسعة فيضرب ضربة بلا فائدة تكون قد طارت، معها مواد مخدرة وجهاز رادار أساسه مستقبلات حرارية، وفي خرطومها ست سكاكين أربع لقطع اللحم، واثنتان لتكون أنبوبا لتمتص فيه الدم، ومعها مادة تميع الدم كي يجري في خرطومها الدقيق، ولها مائة عين وثلاثة قلوب، ولكل قلب أذينان وبطينان ودسامات قلب مركزي وقلب لكل جناح، وإذا وقفت بعوضة على يدك تقتلها، ولا تشعر بشيء، وكأن شيئا لم يحدث، لهوانها عليك، لا شأن لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى