مقال

الدكروري يكتب عن الفضائل والمكرمات

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن الفضائل والمكرمات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه من تطهر في الدنيا بالإيمان والأعمال الصالحة، ولقي الله طاهرا من السيئات دخلها بغير معوق، لأنه جاء ربه بقلب سليم، وعمل قويم ، ومن لم يتطهر في الدنيا، فإن كانت سيئاتة عينية كالكافر لم يدخلها بحال، وإن كانت سيئاته كسبية عارضة دخلها بعدما يتطهر في النار من تلك السيئات، ثم يخرج منها إلى الجنة بعد طهارته، وكذلك المؤمنون إذا جاوزوا الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيهذبون وينقون، ثم يؤذن لهم في دخول الجنة، ونري فى هذه الأيام أن كل إنسان ترك نفسه ومشاكله ومشاكل من يعول من أسرته وأولاده وزويه وبدأ يتدخل فى مشاكل الآخرين وبدأ يتطفل على غيره فى حين أنه مطالب بألا ينظر.

 

أو يفتش على عيوب غيره وأن ينشغل بعيوبه فقط ولقد جاء الدين الحنيف ليسمو بالمسلم، فحثه على التزام الأخلاق الرفيعة، والقيم النبيلة ومن هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” ألا وإن من أخلاق دينكم التي يسمو بها بأفرادكم، ويحفظ بها مجتمعاتكم، ترك الاشتغال بما لا يعني، وهذا الحديث أصل عظيم من أصول تهذيب النفس وتزكيتها، وقد عدّه بعضهم ثلث الإسلام، ولقد قالوا “اجتمع فيه الورع كله” لماذا عباد الله؟ لأن ترك ما لا يعني لا تقوى عليه إلا القلوب السليمة والنفوس الزاكية، نفوس تنطوي سرائرها على الصفاء، فأصحابها في راحة، والناس منهم في سلامة.

 

وحسب المؤمن بهذا الحديث تذكرة وإرشادا، فإنه إذا ما عمل به فترك ما لا يعنيه فقد أحسن إسلامه، ومن أحسن إسلامه فقد أحرز الفضائل والمكرمات، وربح مضاعفة الأجور والحسنات، حتى تكون الحسنة في ميزانه أثقل من الجبال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها” ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وكلنا يسعى لأن يكون ذا إسلام حسن، وخلق رفيع، فما بال أقوام يأبون إلا التدخل في شؤون الناس؟ وإن مما يجمل بالمرء ويزينه، ويجعله شامة بين الناس، أن يدع الخلق للخالق.

 

ويصرف قلبه عما لا يعنيه، فليس من بضاعة المؤمن الأريب، والعاقل اللبيب، أن يشتغل بفضول الكلام، أو يجاري الجهلاء في القيل والقال، فأخلاقه العليا، وقيمه المثلى، تضفي عليه الاحترام وجميل الحياء، فتمنعه من أن يسأل الناس عن مكنون أحوالهم وخاص شؤونهم، وما دخله بتفاصيل حياتهم؟ ولقد رزق الله الناس لبيوتهم أبوابا، وجعل على أسرارهم سترا وحجابا، فهذا من ممتلكاتهم التي لا يرضون لها انكشافا، ويرفضون لها تسورا واقتحاما، فمابال أقوام يأبون الا أن يتقحموا في مالا يعنيهم ويتدخلوا فيما لا يخصهم، ولايهمهم فيفسدوا، وان من قلة الدين وضعف الايمان اشتغال المرء بما لا يعنيه اشتغاله بشؤون الآخرين.

 

وخصوصياتهم، وكيفيات معاشهم، ومقدار تحصيلهم، والبحث في تفاصيل أحوالهم، في أنفسهم وأولادهم وأهليهم، والتدخل في مشكلاتهم، والسؤال عن هذا وذاك، فكم من مجالس عقدت ومناسبات نصبت، وكلها على كلام لا حاجة للإنسان فيه، ولادخل له به بل عليه وزره، وإن المرء ليعجب من حبّ الناس للحديث في أمور نجّى الله تعالي أيديهم وأرجلهم منها، وأبوا مع ذلك إلا أن يتحدثوا فيها، وكل هذا من إهدار الزمان، وضياع الوقت ومن القيل والقال الذي ليس من ورائه مصلحة ولا منه منفعة، والاشتغال بما لا يعني، يبغضه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى