مقال

الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة الظهر ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن مشروعية صلاة الظهر ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع مشروعية صلاة الظهر، وهي أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، بعد فرض الصلوات الخمس، ووقت الظهر يبتدئ من زوال الشمس عن وسط السماء، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله سوى فئ الزوال، أي إلى دخول وقت العصر، إلا أنه يستحب تأخير صلاة الظهر عن أول الوقت في المسجد عند شدة الحر، حتى لا يشق على المصلين ذهابهم إلى المسجد، ودليل هذا هو ما رواه أنس بن مالك رضى الله عنه حيث قال ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ” رواه البخاري، وعن أبي ذر الغفارى رضى الله عنه قال ” كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال أبرد، ثم أراد أن يؤذن.

 

فقال أبرد، مرتين أو ثلاثا، حتى رأينا في التلول، وهو الظل الذى بعد الزوال، ثم قال إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة” رواه البخاري ومسلم، وما اجتمع على الأرض من تراب أو نحو ذلك غاية الابراد قال الحافظ في الفتح واختلف العلماء في غاية الابراد، فقيل حتى يصير الظل ذراعا بعد ظل الزوال، وقيل ربع قامة، وقيل ثلثها، وقيل نصفها، وقيل غير ذلك، والجاري على القواعد، أنه يختلف باختلاف الأحوال ولكن بشرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت، ووقتها وسط النهار بعد الزوال، وهو عقب تسجير جهنم، فمؤدي صلاة الظهر يستجير بالله تعالى من عذاب جهنم كل يوم بعد تسجيرها، فحري بمن حافظ على الظهر أن ينجو من عذاب النار.

 

ففي حديث عمرو بن عبسه السلمى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له عن وقت الظهر ” ثم صلى فإن صلاة الظهر مشهوده محضوره حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاه فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفئ فصلى فإن الصلاة مشهوده محضوره حتى تصلى العصر ” رواه مسلم، فيا تاركا للصلاة ويا هاجرا لبيوت الله ويا مستهينا بأوامر الله، هل تذكرت هادم اللذات ومفرق الجماعات، هل تذكرت مفارقة المال والأهل والأولاد، هل تذكرت يوما تكون فيه من أهل القبور، هل تذكرت ضيقها وظلمتها، ووحشتها وكربتها، هل تذكرت عذاب القبر وحياته وعقاربه، هل تذكرت عندما يضرب الفاجر بمرزبة من حديد ويصيح صيحة يسمعه كل الخلائق إلا الإنس والجن.

 

فهل تذكرت عندما تسأل في قبرك أتوفق للجواب أم تحيد عن الصواب، فيا ويلك كيف نسيت الموت وهو لا ينساك، ويلك كيف غفلت ولم يغفل عنك، وويل لك كيف تؤثر دنياك ولا تدري غدا ما يفعل بك، فأعد للسؤال جوابا، وللجواب صوابا، وإياك والتفريط في جنب الله فالله معك يسمعك ويراك، إياك والتسويف، ولا تقل ما زلت في مقتبل العمر ولسوف أتوب، فالموت لا يعرف صغيرا ولا كبيرا، وصلاة الظهر تأتي وسط النهار بعد ساعات من العمل في الصباح، فتزيل التوتر الناتج عن كثرة العمل أو طبيعته، لأن الصلاة راحة المؤمن، فيرتاح الموظفون والعمال بصلاة الظهر جسديا بعد ساعات من العمل، كما يرتاحون ذهنيا بإفراغ شحنات التوتر والقلق التي اختزنوها أثناء عملهم.

 

وهذا أمر يعرفه أهل صلاة الظهر، فصدورهم بعد الصلاة أكثر راحة وانشراحا عما كانوا عليه قبلها، ويجدون في أنفسهم نشاطا وإقبالا على العمل من جديد، وهذا، وإن من الناس من يتهاون في صلاة الظهر، فمنهم من ينهمك في عمل أو في اجتماع ويضيع الجماعة في المسجد أو في مصلى وظيفته، وكان بإمكانه أن يتوقف عن عمله، ويقطع اجتماعه إلى ما بعد الصلاة، وذلك خير له وأزكى فقال الله عز وجل فى كتابه الكريم “قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى” وأما عن عدد ركعات سنة الظهر، فهى ركعتان قبلها وركعتان بعدها، وورد كذلك أنه يصلي أربعا قبلها وركعتين بعدها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ” حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات.

 

وهم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها ” إلى آخر الحديث وهو حديث متفق عليه، وعن السيده عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة ” رواه البخاري، ولا ينافي هذا الحديث حديث ابن عمر في قوله ركعتين قبل الظهر، لأن هذه زيادة علمتها السيده عائشة رضي الله عنها، ولم يعلمها ابن عمر . والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى