مقال

الدكروري يكتب عن أخلصوا الأعمال لله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أخلصوا الأعمال لله
بقلم / محمــد الدكــروري

تقول أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما في حادثة الإفك التي حدثت معها وتكلم الناس بها من حولها وهي لا تدري ولا تشعر بذلك” وأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوما لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فقالت فبينما نحن على ذلك الحال إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس، قالت ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء، قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه.

قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال فقال أبي والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت أمي والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا، إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف حين قال ” فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون”

ثم تحولت واضطجعت على فراشي والله يعلم أني حينئذ بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدّر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال يا عائشة أما الله فقد برأك، قالت، فقالت لي أمي قومي إليه، فقلت والله لا أقوم إليه فإني لا أحمد إلا الله عز وجل.

قالت وأنزل الله تعالى ” إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم ” حتي نهاية الآيات ثم أنزل الله هذا في براءتي، فيجب على كل مسلم ومسلمة ونحن نعيش في زمان الفتن العمل على إصلاح قلوبهم والعناية بها، فإن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم، ولكن ينظر ما أكنته القلوب، فأخلصوا الأعمال لله تعالى في كل ما تأتون وما تذرون، وأنيبوا إلى ربكم، واطمعوا في رحمته لعلكم ترحمون، فالعمل اليسير مع الإخلاص خير من الكثير مع الرياء، والثمرات الطيبة إنما تحصل لمن حقق النية واتقى، فمن أصلح باطنه، أصلح الله تعالى له الأحوال، وسدده في الأقوال وإن الميزان عند الله عز وجل حين اطلاعه على قلوب العباد هو صلاحها أو فسادها وهذا هو الضمير ولكن أين نجد الضمير اليوم وأين ذهب الضمير.

فلقد ماتت الضمائر الا ما رحم الله عز وجل ولم تتقدم وترتقى الامم الا بالضمائر الحيه فلنعود الى الوراء الى زمن الصحابة الكرام الذين تربوا فى مدرسه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ولننظر الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما كان يتفقد عمر رضي الله عنه رعيته فيجلس عند جدار بيت، فيسمع المرأة وهي تكلم ابنتها وتقول ضعي الماء على اللبن ليزداد فنبيعه، فتقول الفتاة يا أماه، هذا أمر لا يرضاه أمير المؤمنين عمر، فتقول الأم وما يدري أمير المؤمنين بما نصنع، فتقول الفتاة إن كان أمير المؤمنين لا يعلم، فرب أمير المؤمنين يعلم، وعمر الفاروق رضي الله عنه يسمع ذلك الحوار، فيصبح الصباح ويرسل إلى أهل هذا البيت ليخطب تلك الفتاة صاحبة الضمير الحي إلى ولده عاصم، فيرزقهم الله ذرية مباركة، يخرج منها الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى