مقال

الدكروري يكتب عن مسألة تعطيل الطاقات

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مسألة تعطيل الطاقات

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

لقد حث الإسلام على السعي واستثمار الطاقات والكسب من أجل الرزق، ويقرر الإسلام أن الطاقات المعطلة بدون عمل واستثمار هي عقيم كحياة شجر بلا ثمر، فهي حياة تثير المقت الكبير لدي واهب الحياة الذي يريدها خصبة منتجة كثيرة الثمرات، فالإسلام لا يعرف سنا للتقاعد، بل يجب على المسلم أن يكون وحدة إنتاجية طالما هو على قيد الحياة، ما دام قادرا على العمل، بل إن قيام الساعة لا ينبغي أن يحول بينه وبين القيام بعمل منتج، وفي ذلك يدفعنا النبي صلى الله عليه وسلم دفعا إلى حقل العمل واستثمار الطاقات وعدم الركود والكسل، وكما حث الإسلام على اتخاذ المهنة للكسب مهما كانت دنيئة فهي خير من المسألة وتعطيل الطاقات.

 

وقد ضرب لنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أروع الأمثلة في تشغيل الطاقات المعطلة التي تربت على الكسل والتواكل والاعتماد على صدقات المحسنين فقد دخل المسجد ذات يوم من الأيام وإذا مجموعة في الضحى، والناس في المزارع يشتغلون، والأنصار العُبّاد الذين قدموا أنفسهم في بدر وحنين يسقون النخل، وهذا يجر الدلو من البئر ويصب، وهذا نجار، وهذا خشّاب، وهذا يبيع السمن، وهذا يبيع العسل، وهذا يبيع الغنم، وعمر بنفسه يبيع ويشتري في السوق، إلا هذه المجموعة في المسجد، فقال لهم عمر بن الخطاب من أنتم؟ قالوا عُبّاد، قال سبحان الله، كأن عمر ليس بعابد، لأنه جاء من خارج المسجد، فقال فمن يأتي لكم بطعامكم؟ قالوا جيران لنا.

 

أي أنهم يبقون في المسجد وقت الغداء، فإذا حانت الساعة الثانية أتى الأكل، فانظروا العبادة كيف تكون؟ فقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لهم انتظروا قليلا، فظنوا أنه على العادة أنه سيأتي بطعام لهم، فذهب فأتى بالدرة، فأخذ الدرة، وأغلق أبواب المسجد وأتى يضربهم ضربا حتى يبطحهم فلما أدماهم، قال اخرجوا إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، فأخرجهم من المسجد، وأغلق أبواب المسجد وبهذا استطاع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تشغيل واستثمار الطاقات المعطلة وجعلها وحدة إنتاجية في المجتمع، ولذلك كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهتم بالعمل والاستثمار والترغيب فيه فيقول.

 

“ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلىّ من موطن أتسوق فيه لأهلي أبيع وأشتري” وكان كلما مر برجل جالس في الشارع أمام بيته لا عمل له أخذه وضربه بالدرة وساقه إلى العمل والاستثمار وهو يقول إن الله يكره الرجل الفارغ لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة، وقال رضي الله عنه “مكسبة في دناءة خير من سؤال الناس” وعنه رضي الله عنه قال ” إن الله خلق الأيدي لتعمل فإن لم تجد في الطاعة عملا وجدت في المعصية أعمالا” وروي أن الأوزاعى لقي إبراهيم بن أدهم رحمه الله وعلي عنقه حزمة حطب، فقال له يا أبا إسحاق إلى متى هذا ؟ إخوانك يكفونك، فقال دعنى عن هذا يا أبا عمرو، فإنه بلغني أنه من وقف موقف مذلة في طلب الحلال وجبت له الجنة.

 

وقال أبو سليمان الدارني ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يقوت لك ؟ ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد” ألا يتقى الله بعض الباعة الذين يستغفلون الناس ويضحكون عليهم ويزينون لهم شراء أمور هم أنفسهم، يعلمون أنها لا تنفع أو لا تساوى الثمن المطلوب، ألا يتقى الله من يزور الوثائق ويلعب بالعقار ويعطي الأرض الواحدة لشخصين أو أكثر، ألا يتقى الله بعض السماسرة والمقاولون الذين يتفقون مع أرباب العمل على اتفاقيات وعهود ثم لا يوفون بها أو يخالفونها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى