مقال

الدكروري يكتب عن اللبنة الأولى للشريعة الموسوية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن اللبنة الأولى للشريعة الموسوية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد انتهت فترة التية التي تاه فيها بني إسرائيل مع نبي الله موسي عليه السلام، وقد تقاربت من أربعين عاما، وإنه عندما يقال بذهاب هذا الجيل العاجز والقاصر، فإن هذا لا ينفي وجود عالم أو مفكر أو قائد أو خبير في أي مجال، ولكن يبقى هؤلاء آحادا لا يكفون للارتقاء بالأمة، لأن حالات التغيير لا يكفيه الآحاد، بل يحتاج إلى طاقم متكامل في كل مجال، والذي يجري في الأرض كلها اليوم من محاولات لإبادة المسلمين، وكأن هذا كله والله أعلم لإخراج أجيال صلبة قوية، نشأت وتربت في المعارك والحروب، فتكون أصلب عودا، وأكثر عتادا، وأطول نفسا، وأكثر وعيا بحقيقة المعركة التي تدور في الأرض بين دين الله، وأعداء الله، فيتربون كما تربت بنو إسرائيل في ذلك التيه، والنتيجة إن شاء الله ضد مصالح من يخطط لإبادة الإسلام، ولو تعقلوا ما فعلو ذلك. 

فقال الله تعالى فى سورة الأنعام ” وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض وخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوا ” ولقد وضع الله تعالى اللبنة الأولى للشريعة الموسوية، على جبل في برية سيناء، ويتبين من قول التوراة ” الرب إلهنا معنا عهدا حوريب” وأن نبى الله موسى عليه السلام تلقى الوصايا العشر إلى جانب تعاليم أخرى على صخرة حوريب، وهناك أخذ من بني إسرائيل الميثاق بالعمل بها وتؤكد الآيات بأن على بني إسرائيل أن يذكروا دائما ذلك العهد الذي أخذ الله منهم عندئذ، ويتمسكوا به بقوة، ويعملوا به بصدق، لكي ينجوا من المصائب جميعا، وكما ورد في التوراة أنه قدر الله تعالى بسبب رفضهم سماع كلامه أن يكون النبي الموعود المثيل لموسى من خارج بني إسرائيل، من إخوتهم بني إسماعيل. 

ومع أن بني إسرائيل لم يقدروا أن يدخلوا إلى أرض كنعان في ذلك الوقت لعدم الإيمان، وقال الرب “إن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي، ولم يسمعوا لقولي، لن يروا الأرض التي حلفت لآبائهم، وجميع الذين أهانوني لن يروها، أما عبدي كالب، فمن أجل أنه كانت معه روح أخرى، وقد اتبعني تماما، أدخله الأرض التي ذهب إليها وزرعه يرثها” ويقف كالب بطلا من أبطال الإيمان لأنه اتبع الرب تماما هو ويشوع بن نون، وفي نهاية الأربعين السنة من التجوال في البرية تأديبا لهم من الله تعالى، دخل كالب ويشوع إلى أرض الموعد، وأصبح على كل سبط أن يمتلك الأرض التي منحت له بالقرعة، ومع أن كالب كان قد أصبح متقدما في الأيام، فهو ابن خمس وثمانين سنة، إلا أنه كان مازال رجل الإيمان، متشددا بالرب. 

وطلب من يشوع أن يعطيه الجبل وقرية أربع الرجل الأعظم في بني عناق العمالقة الذين أخافوا الجواسيس من قبل، وكأنه كان يريد أن يثبت للشعب أنه كان في إمكان آبائهم أن يدخلوا إلى الأرض ويمتلكوها منذ أربعين سنة لو أنهم آمنوا واتكلوا على الرب، وطرد كالب من هناك بني عناق الثلاثة، وأراد كالب أن يحرض الشباب حوله، فقال لهم “من يضرب قرية سفر ويأخذها، أعطيه عكسة ابنتي امرأة، فأخذها عثنيئيل بن قناز، ابن أخي كالب، فأعطاه عكسة ابنته امرأة، وأصبح عثنئيل أول قاض لإسرائيل لمدة أربعين سنة، حقا إنه تحد صعب، فالأسهل على الإنسان أن يركب الموجة ويسير مع التيار، لكن الأمانة لله تتطلب أن يقف الإنسان منفردا إذا لزم الأمر لكي يشهد للحق ويمجد الله، وكان كالب لم تسمع في الأخبار شيئا من نبوته وكان خليفة يوشع بن نون. 

وتحته مريم بنت عمران أخت نبى الله موسى بن عمران وهو أحد الرجلين اللذين قال الله تعالى ” قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما” فلما احتضر استخلف ابنا له لوساقانين، وقد أمر الناس باتخاذ الأرض وأخذ العشر من غلاتها لارزاق الجند وكان فيما ذكر كيقباذ يشبه في حرصه على العمارة ومنعه البلاد من العدو وتكبره في نفسه بفرعون وقيل إن الملوك الكيبية وأولادهم من نسله وجرت بينه وبين الترك وغيرهم حروب كثيرة وكان مقيما في حد ما بين مملكة الفرس والترك بالقرب من نهر بلخ لمنع الترك من تطرق شئ من حدود فارس وكان ملكه مائة سنة والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى