مقال

الدكروري يكتب عن من حلف بالله فليصدق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن من حلف بالله فليصدق 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إياكم والحف الكاذب والأيمان الباطله، فقد ورد عن ابن عمر رضى الله عنهما قال “سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يحلف بأبيه فقال ” لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق ومن حُلف له بالله فليرضى، ومن لم يرضى بالله فليس من الله” حديث صحيح “رواه ابن ماجة وقال أيضا “ويمينك على ما صدقك به صاحبك ” رواه مسلم، فلا يجوز لك أن تورّى فيه، ولا تجوز التورية في القسم عند القاضي أو عند الشخص الذى تريد أن تقسم له إذا كان صاحب حق، فلا تنفعك توريتك في اليمين، وهي حرام والواجب أن تكون يمينك على ما يصدقك به صاحبك ويفهم من كلامك، فلو حلف أنه مثلا، لم يأخذ منه مالا ونوى في نفسه أنه لم يأخذ منه مالا فى هذا المجلس، فلا ينفعه ذلك ولا يجعل المال حلالا له، يمينك على ما صدقك به صاحبك، والحقوق لا يجوز لك أبدا التورية فيها. 

وقال صلى الله عليه وسلم”إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” وذلك أن الإنسان كما أنه قد يكذب في كلامه بأن يخبر بغير الواقع والحقيقة، فكذا قد يكذب بعمله، فيوري بالضعيف من العمل، ويضبط ظاهره دون باطنه ليخدع الناس أو يخدع نفسه، فيظهر لهم خلاف واقع العمل وحقيقته، ثم هناك الصدق في كلام الناس وأحاديثهم بعضهم مع بعض فقد جعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الصفات الفارقة بين المؤمن والمنافق أن المؤمن يصدق الحديث، والمنافق يكذب فيه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان” فالمؤمن لابد إذا أن يكون صادقا في قوله وحديثه، وفي عمله واعتقاده، وكل منا ينبغي أن يحاسب نفسه على ذلك. 

فإنه من القبيح جدا أن يظهر التفريط بيننا في أمر الصدق، أو أن يقع أحدنا في آفة الكذب، سواء في القول أم الكلام أم العمل، كما يقع من البعض في أداء الأعمال دون إتقان، ودون روح، ودون الجهد المطلوب، أم في الذكر والدعاء، بحيث لا يوجد الصدق في القلب، بل يكون الأمر مجرد كلمات أو حركات بلا رصيد في القلب وإصرار وإلحاح، أم في التعلم والعمل لنصرة هذا الدين والالتزام به، حيث يبدو التكاسل والتفريط والتخلف عن القيام بالواجب أو الدور المطلوب، وروى البخارى ومسلم والترمذى، وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه الآية، منهم طلحة بن عبيد الله، رضى الله عنه فقد ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصيبت يده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أوجب طلحة الجنة ” 

وفي الترمذي عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاهل، سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترئون على مسألته، فكانوا يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعلي ثياب خضر، فلما رآني النبي صلى الله عليه وسلم قال أين السائل عمن قضى نحبه ؟ قال الأعرابى أنا يا رسول الله، قال “هذا ممن قضى نحبه ” وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحد، مر على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه، فوقف عليه ودعا له، ثم تلا هذه الآية من سورة الأحزاب ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ” 

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة فأتوهم وزوروهم، والذى نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه” وقيل النحب الموت، أى مات على ما عاهد عليه، وعن ابن عباس رضى الله عنهما، والنحب أيضا الوقت والمدة يقال قضى فلان نحبه إذا مات، وقال ذو الرمة،عشية فر الحارثيون بعدما قضى نحبه في ملتقى الخيل هوبر، والنحب أيضا الحاجة والهمة، فيقول قائلهم ما لي عندهم نحب، وليس المراد بالآية والمعنى في هذا الموضع بالنحب النذر، أي منهم من بذل جهده على الوفاء بعهده حتى قتل، مثل حمزة وسعد بن معاذ، وأنس بن النضر وغيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى