مقال

الدكروري يكتب عن التبليغ عن رب العالمين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن التبليغ عن رب العالمين
بقلم / محمـــد الدكــــروري

روى الإمام البخاري عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ” أي نعمتان يخسرهما كثير من الناس، وروى البخاري عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة” وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك” وروى البزار والطبراني عن معاذ بن جبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به”

فاغتنم الدقائق واللحظات، واشغل الأوقات الضائعة، وساعات الانتظار في السيارة، أو في المستشفى، أوعند مشيك من البيت للمسجد، وفي المسجد، وفي طريقك إلى المدرسة، أو العمل، عطر لسانك بالذكر، وقلبك بالفكر، وأذنك بالذكر، واستفد من كتاب، استمع لدرس علم، ولقد سرد لنا ابن قيم الصفات المختلفة للشروط التي تجب فيمن يبلغ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويذكر أن أول من قام بالتبليغ عن رب العالمين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، ثم قام بالفتوى بعده صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، ورغم أن ابن حزم، قد ذكر لنا أن عدد صحابته قد بلغ بلا شك أكثر من ثلاثين ألف إنسان غير وفود الجن وأخذوا عنه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم وشرائع الإسلام.

إلا أنه يذكر لنا أن عدد من روى عنه الفتيا قليل فيقول ” ثم لم ترو الفتيا في العبادات والأحكام إلا عن مائة ونيف وثلاثين منهم فقط من رجل وامرأة بعد التقصي الشديد، فكيف يسع من له رمق من عقل، أو مسكة من دين وشعبة من حياء أو يدعي عليهم الإجماع فيما لا يوقن أن جميعهم قال به وعلمه ” وإذا كان أهل الحديث يخصون الصحابي بمن صحب الرسول صلى الله عليه وسلم، قليلا أو كثيرا، ويرون عنه، فإن فقهاء الصحابة هم الذين طالت صحبتهم، لرسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التتبع والأخذ منه وعرفوا بالفقه والنظر، وهم الذين حفظت عنهم الفتوى، وكانوا يسمون بالقراء، بل ظل هذا لقب أهل الفتيا فترة طويلة في صدر الإسلام، ويقول ابن خلدون ” ثم إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا.

ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنما كان ذلك مختصا للحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمة، وسائر دلالته مما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو ممن سمعه منهم من عليتهم، وكانوا يسمون لذلك القراء، أي الذين يقرءون الكتاب، لأن العرب كانوا أمة أمية، فاختص من كان منهم قارئا للكتاب بهذا الاسم لغرابته يومئذ، وبقي الأمر كذلك صدر الملة، ثم عظمت أمصار الإسلام، وذهبت الأمية من العرب، بممارسة الكتاب، وتمكن الاستنباط وكمل الفقه، وأصبح صناعة وعلما” وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أن الذين حفظت عنهم الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثر من مائة وثلاثون نفسا، ما بين رجل وامرأة، وجعل منهم المكثرين والمقلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى