مقال

مستشفى المجانين في مصر

جريدة الاضواء

مستشفى المجانين في مصر

كتبت/مرفت عبدالقادر احمد

اطلق عليه إسم السرايا الصفراء أو مستشفى العباسية للصحة النفسية، ربما يتغير الأسم لكن يظل المكان واحدًا، وهو مستشفى الأمراض العقلية بحي العباسية أحد أحياء القاهرة، وهو الحي والمكان ذو التاريخ الطويل، وأصبح اسم الحي مرتبط بالمستشفى، والعكس صحيح.

شارع المجانين، المسمى في مصر بـ(السرايا الصفرا)، هو شارع يحمل قضايانا وحوادثنا اليومية. فما يجري خلف أسوار مستشفى المجانين يتطابق مع ما يقرره العقلاء خارجه، وتجلّى ذلك في ما سجله الطبيب النفسي، محمد كامل بك الخولي، من مشاهدات، حين عمل مديراً لمصلحة الأمراض العقلية في أربعينيات القرن العشرين، وما قبلها بقليل، وكان طبيباً نفسياً مختصاً بالجزء الشرعي والجنائي، في وزارة الصحة العمومية المصرية
.
أنشئت المستشفى في عام 1882، جزء من السراي (الصفراء) التى أقامها الخديو إسماعيل، وذلك لأن تلكَ المنطقة كانت تتميز بهواء صحي نقي وجو هادئ للمرضى، وكانت تسمى وقتها (المريستان)، والتي يؤخذ منها لفظ (الموريستان)، ثُم احترقت هذه السراى، وأعاد بناءها الخديو توفيق، وعرفَت باسم (سراى المجاذيب)، وبعد نقلها إلى بولاق الدكرور احترقت بالكامل، وبعد إعادة ترميمها تم دهنها باللون الأصفر، وتزال المستشفى حتى الآن بحي العباسية حيث تبلغ مساحتها الحالية 68 فدانًا.

و السرايا الصفرا من أبرز الأسماء التي أطلقت على مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية، وبالإضافة إلى الصورة الذهنية التي رسختها الأعمال الدراميا من خلال تناولها لتلك المستشفى التي ظلمت وأصابتها وصمة عار حتى الآن.

خصص الخديوى توفيق الذى تولى الحكم هذه السرايا للمرضى في عام 1882، وتعرضت حينذاك إلى حريق كبير ثم تم إعادة ترميمها ودهنها باللون الأصفر فأطلق عليها (السرايا الصفرا).
الجميع يبحث عن المجانين في شارع العقلاء، في الوقت الذي قد نجد الشارع ذاته في مستشفى المجانين. فالمجانين ليسوا سوى نسختنا الأكثر صراحة. يمشون عراةً في الطرقات من دون اعتبارٍ لرأي أو نقد. يرفعون أصواتهم أحياناً، لا لشيء، إلّا كي

يقولوا/ ها نحن هنا. لربما انتبه سياسي إليهم قبل أن يحرك صواريخه العابرة للحدود، فيَعْدِل عن قراره، غير أن العقلاء اتفقوا على سجنهم في مكانٍ تباينت تسمياته من بلدٍ إلى آخر.

الدكتور حاتم ناجى مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية، أوضح في حديثه للأخبار المصرية في عام 2021م أن الدراما والسينما ساهمت في ترسيخ صورة ذهنية مغلوطة عن مستشفى العباسية للامراض النفسية والعصبية ، بعد أن أظهرت أن جميع المتعاملين مع المستشفى أو المترددين عليها أنهم مجانين غير مسئولين عن تصرفاتهم.

واردف مدير المستشفى في حديثه قائلا لا يوجد مرض في الطب النفسى يسمى (بـالجنون) وهذا من المفاهيم المغلوطة أيضا، وتابع قائلا أن المستشفى تقدم العديد من الخدمات من خلال العيادات الخارجية ومنها عيادات النفسية والادمان والفيروسات بالإضافة إلى عيادة الأطفال .

عنبر 8 غرب وهو العنبر الشهير والذى تناوله فيلم ( الفيل الأزرق) ، حيث خصص هذا العنبر للمرضى المتهمين في جرائم جنائية ، أوضح مدير المستشفى أن هذا العنبر كان موجود بالفعل إلا أنه تغير الآن بعد أن أصبح وحدة خاصة بالطب الشرعى منفصلة عن المستشفى .

وفجر الدكتور حاتم ناجى مفاجأة بشأن سعر تذكرة الدخول والتي بجنيه واحد فقط ، وان المستشفى تستقبل جميع المواطنين دون تميز ، وأن العلاج أيضا يصرف مجانا.

وكشف مدير مستشفى العباسية عن واقعة إنسانية مؤلمة بعد سرد قصة نزيل في مستشفى العباسية منذ عام 1973 حتى الآن ، لافتا إلى أن اسرته لا تريد أن تستلمه بسبب خشيتهم من وصمة العار بسبب المرض النفسى .

وأضاف مدير المستشفى أنه يأوى هذا المريض بروح القانون ، موضحا أن القانون لا يسمح بأن يأوى المستشفى المريض بعد شفائه.

وحث مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية في ختام حديثه المجتمع على ضرورة أن يساهموا في تغير الصورة الذهنية للمرض النفسى ، ومساعدة المريض على تجاوز حالته والعبور إلى بر الأمان، سواء بالجانب المعنوى أو المادى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى