مقال

الدكروري يكتب عن وقعة قتل غلمان اليهود الرهائن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وقعة قتل غلمان اليهود الرهائن
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أنه بعد وقعة قتل غلمان اليهود وهم الرهن، الذين أخذهم الأوس من يهود بني النضير وبني قريظة ليأمنوا مكرهم وغدرهم، من قِبل عمرو بن النعمان وبعض مطاوعيه من الخزرجيين، لم يتوانى بنو النضير وبنو قريضة عن إعلان مُحاربة الخزرج يدا بيد مع الأوس، واشتغل الأوس لفترة طويلة تجاوزت الأربعين يوما، بتجميع الحلفاء فانضمت لهم قبائل من بنو ثعلبة، من غسان، وبني زعوراء، وجدوا في عزمهم على قتال الخزرج وتسلحوا وتجهزوا وأعدوا للقتال عُدته، وقد بلغ هذا الخبر الفظيع الخزرج فقام عمرو بن النعمان، وعمرو بن الجموح السلمي إلى عبد الله بن أبي بن سلول وكلموه بالقتال لكن عبد الله بن أبي خالفهم ووبخهم لأفعالهم وبغيهم.

فرد عليه عمرو بن النعمان، انتفخ والله سحرك يا أبا الحارث حين بلغك حلف الأوس قريظة والنضير, فقال عبد الله بن أبي بن سلول والله لا حضرتكم أبدا ولا أحد أطاعني أبدا ولكأني أنظر إليك قتيلا تحملك أربعة في عباءة, وتخلف عبد الله بن أبي عن القتال هو ورجال من الخزرج على رأسهم عمرو بن الجموح، فما كان من الخزرج إلا تولية عمرو بن النعمان البياضي قائدا لهم بهذه الحرب وبدأوا بتجميع الحلفاء ومراسلتهم فراسلوا جهينة وأشجع فجاوبوهما وهكذا، بدأ الفريقان يحشدان الجموع ويألبان الأنصار لليوم المزمع الموعود، وبعد الاستعداد الطويل لهذا اليوم المرتقب، وتجلي الخوف السائد للطرفين، وازدياد الاحتقان المتصاعد، قد احتشد الطرفان في بُعاث وهي منطقة لبني قريظة.

وما لبثا حتى ألتقيا ودارت رحى المعركة فأنكسر الأوسييون عندما اشتد وطيس المعركة ولم يقاوموا فانهزموا هزيمة واضحة ولاذوا بالفرار، إلا أن قائدهم حضير الكتائب قام بطعن قدمه بالرمح وصاح بأعلى صوته، واعقراه كعقر الجمل، والله لا أعود حتى أقتل فإن شئتم يا معشر الأوس أن تسلموني فافعلوا, وعندما سمعوا صوته عطفوا عليه عطفة رجل واحد واستعرت الحرب واشتد سعيرها فقلب الأوسيون الحال رأسا على عقب وقتل عمرو بن النعمان رئيس الخزرج، بسهم لا يُعرف له رامى, وحُمل ملفوفا بعباءة يحمله أربعة وعبد الله بن أبي بن سلول ينظر فيه من بعيد، ويقول ذق وبال البغي، فكان كل ما قاله ابن أبي قبل المعركة قد وقع، وها هو الآن يرى عمرا محمولا على الأكتاف كما أخبره من قبل.

وليس إلا وقت قليل وينهزم الخزرج هزيمة نكراء والأوس من خلفهم بالسلاح، لا تأخذهم بهم رحمة فصاح أحد الأوسيون يا معشر الأوس أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب، ومع هذا الصوت توقفوا عن قتلهم وسلبهم ولكن النضير وبني قريضة فعلا، ومات حضير قائد الأوس فيما كان قومه يحملونه، ولقد كانت هذه الحروب الأهلية قد أنهكت اليثربيين أوسهم وخزرجهم، وبعد يوم بعاث قرر عقلاء الطرفين وضع حد لهذه الحال فاتفقوا على تنصيب رجل واحد منهم يقبله الطرفان فوقع الاختيار على عبد الله بن أبي بن سلول, وفيما كانا يُجهزان له ملكه حدثت بيعة العقبة الأولى والثانية ودخل الإسلام يثرب ثم هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم.

فزال مُلك ابن أبي قبل أن يهنأ به ولو ليوم واحد فعاش عبد الله بن أبي تحت سيادة النبي صلى الله عليه وسلم، كأكبر منافق ومعاد للنبي صلى الله عليه وسلم، عرفه التاريخ الإسلامي، والسبب في هذا واضح فهو كان يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد انتزعه ملكه الذي كان يُجهز له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى