مقال

الدكروري يكتب عن الصيام والنسيان والخطأ

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصيام والنسيان والخطأ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن الصيام وعن أحكامة وشروطه، وأما عن موضوع حكم بلع النخامة في نهار رمضان، والنخامة هى البلغم والمخاط لا تفطر كما هو المعتمد عند المالكية، ورجحه الشيخ ابن العثيمين، ولكنه ذهب إلى حرمة ابتلاع المخاط لضرره واستقذاره، ونحن نرى أن المرجع في ذلك للأطباء فإن كان في ابتلاعه ضرر فيحرم أو يكره حسب نسبة الضرر وإلا فلا، وإذا ابتلع ما علق بين أسنانه بغير قصد أو كان قليلا يعجز عن تمييزه ومجّه فهو تبع للريق ولا يفطر، وإن كان كثيرا يمكنه لفظه فإن لفظه فلا شيء عليه وإن ابتلعه عامدا فسد صومه، وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك فلا يجوز ابتلاع الدم وعليه إخراجه فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده فلا شيء عليه.

واستنشاق بخار الماء فى مثل حال العاملين فى محطات تحلية المياه لا يضر صومهم، وإذا أخر الصائم الجنب الغسل إلى الصباح فلا يفطر بذلك ولكن عليه أن يبادر بالغسل ليدرك الصلاة، وإذا نام الصائم فاحتلم فلا يفسد صومه إجماعا، وأما عن الصيام والنسيان والخطأ، فإنه من أكل أو شرب ناسيا فقد أطعمه الله وسقاه، ولا إثم عليه ولا قضاء ولا كفارة سواء أكان صوم نافلة أو فريضة، ومن ظن أن الشمس غربت فأفطر فبان خطؤه فالجمهور على أن عليه القضاء، والراجح أنه لا قضاء عليه، كما أن الراجح أن من تسحر وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان خطؤه أنه لا قضاء عليه وإن كان الجمهور يوجبون القضاء في الحالتين، ولا فرق بين من أكل ناسيا أو جامع ناسيا، وللمسلم أن يأكل حتى يتيقن من طلوع الفجر.

فإذا كان يشك هل طلع الفجر أم لا فيجوز له أن يأكل حتى يتيقن، فقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت” وهو مذهب الجمهور، ورجحه شيخ الإسلام، وجاءت آثار عن الصحابة تفيد ما هو فوق ذلك، ومن تعاطى مفسدا من مفسدات الصيام جاهلا فلا يفسد صيامه إذا كان قريب عهد بإسلام، وأما غيره فلا، ومن أكره على تعاطى ما يفطر فالراجح أنه لا يفطر خلافا للجمهور، والدم الخارج من اللثة لا يفطر الصائم مالم يتعمد ابتلاعه وهو بعيد ورجوع بعض الدم إلى الحلق غلبة أى دون قصد لا يفسد الصيام، فإن الصيام دون صلاة حسنة مع سيئة كبرى، والسيئة لا تمحو الحسنة، وأما من رأى أن ترك الصلاة كفر فلا يثاب تارك الصلاة عنده إن صام لأنه يلقى الله كافرا.

والترجية هنا أولى من التيئيس، وذهب بعض السلف إلى أن معصية اللسان مثل الغيبة ومعصية الأذن مثل استماع الغيبة ومعصية العين مثل النظرة المحرمة ومعصية اليد والرجل كل ذلك من مفسدات الصيام، والجمهور على أنه لا يفطر شيء من ذلك غير أن الجميع متفق على أن المعاصى تذهب بثواب الصيام، وكفى تخويفا في هذا قوله صلى الله عليه وسلم” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى