القصة والأدبثقافة

طريق الوصول وعلامات القبول

 

 

سلسـله مقـالات عن الزهد والتصوف ( الزهد 1)
✍️ بقلم / محمد حجاب

هذة الحياة التي نعيشها لابد ان نعلم جميعا انها حياة مؤقته وليست الا دار انتقال نمضي فيها عابرون إلى دار أخرى وحياة أخرى وهي دار الآخرة دار القرار .
وعلينا ان نختار اما ان نعبرها مطمئنين، في دروبٍ نرضاها، تصل بنا إلى أهدافٍ نريدها وهي الآخرة والتي حدثنا رب العزة عنها في القرآن الكريم حيث قال :- (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا)
وايضا يجب ان يتأمل كلُّ منا لماذا خلقنا الله وما الهدف :=

وبهذا نعود في هذة الوقفة إلى قوله تعالى :- ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) اذن خلقنا جميعا من اجل العبادة لا سواها . قولا واحدا لا اختلاف فيه .

ولكن العبادة تختلف من شخص الي اخر فهناك من يعبد الله علي حرف

اعمالا بالايه الشريفه (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ )
وهناك من يعبد الله كانه يراة

فإذا اجتهدت في إصلاح العمل، وإحسان العمل، فأنت بين أمرين :-
الاول :- اما من يجتهد في العمل، ويحرص على إكماله وإتمامه، كأنه يشاهد الله، كأنه بين يدي الله يشاهد الله فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني: فاعلم أنه يراك، ويطلع عليك، ويشاهدك . وهذا حديث جبرائيل لما سأل النبي ﷺ عن الإحسان قال له النبي ﷺ: أن تعبد الله كأنك تراه يعني: كأنك تشاهده، يعني: حتى تجتهد في العمل،و تخلص في العمل، و تؤدي العمل على خير وجه، وأكمل وجه، فإن المؤمن إذا عمل صالحا كأنه يشاهد الله، وأن الله يراة

والثاني :- من يعبد الله وهو علي درجه الرؤيه اي تعمل كأنك ترى الله، وهذه أرفع، وأعلى، وهي درجة المشاهدة.

اعمالا بالايات الشريفه (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ) (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)
وهناك من يعبد الله بطريقه اخري وهي أن تعمل، و تؤمن بأن الله يراك، وتعلم أن الله يراك، فأنت تعمل في مرأى من الله ومسمع؛ فتجتهد في أداء العمل على خير وجه؛ لأن الله يشاهدك، يعني: تستحضر عظمه الله وتتيقن أن الله يشاهدك، ويعلم مكانك .

وهنا اخوتي الاعزاء نصل بالعمل الصالح الي درجه هي الارفع علي الاطلاق وهي درجه الزهد في الدنيا .
وقد تحدث القران الكريم عنها في ايات كثيرة جدا وردت جميعها في الزهد من حيث المضمون .
اما من حيث اللفظ تحدث عن ايه واحدة وهي :-
(وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانو فيه من الزاهدين)
اما من حيث المضمون فقد ورد عن الزهد ايات عديدة فحواها يشير الي الزهد
وهي الايات :-
قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ .

وقال سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ .وقال تعالى وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ .

وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ .

وقال تعالى إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .

وقال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً وَمَنْ أَرادَ الآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً .

وقال تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ

وقال سبحانه مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ .

وقال تعالى كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ .

وقال تعالى إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا .

وقال سبحانه وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى .

وقال تعالى وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ .

وقال تعالى اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الأَمْوالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ .

وقال تعالى لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرارِ .

وقال سبحانه وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى .

وقال تعالى قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا .

وأما التفسير الذي اتفق عليه جمهور العلماء عن حقيقة الزهد هو.

هو ان تنصرف عن الشيء احتقارا له وتصغيرا لشأنه وتستغني به بشئ خير منه
فليس الزهد ان ترفض نعم الله عز وجل ولكن الزهد ان تستخدم نعم الله فيما سمح لك به او تستعين بهذة النعم على طلب الآخرة او ان تسخر هذة النعم في الاعمال الصالحه التي ترفع درجاتك وترتقى بها عند الله لا ان ترفض الدنيا ولكن ان تستخدمها ابتغاء رضوان الله بمعنى ان تستخدم النعم التي منحها الله لك وأن توظفها في العمل الصالح هذا هو حقيقة الزهد على خلاف ما يتوهم بعض الناس .
وهذه الآية الدقيقة التي تقول
(ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين ) ان ليس على الارض من هو اضل ممن اتبع هواة بغير هدي من الله
اما الذي يتبع هواة وفق هدي الله فلا اثم عليه اي انه اشتهي المال فكسبه من عمل مشروع او اشتهي النساء فتزوج اذن ليس في الاسلام حرمان بل هناك تنظيم لاستخدام نعم الله

#الزهد ليس بلبس الثياب الباليه او الجوع او الحرمان
و ليس بتحريم الطيبات وكف النفس عنها، ولكن الزهد هو ترك ما في ايدي الناس .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أزهد الناس ولم يحرم على نفسه شيئا أباحه الله له،

واحسن ما سمعت من عبارات دقيقة عن الزهد هي كلمات #الامام_أحمد_ابن_حنبل
وقد قال الزهد على ثلاثة أوجه :-

الأول: ترك الحرام، وهو زهد العوام.
والثاني: ترك الفضول من الحلال، وهو زهد الخواص.
والثالث: ترك ما يشغل عن الله، وهو زهد العارفين .

وهذه المنزله لا يصل الانسان لها الا بمراقبه الله في كل خطوة وكل فعل وكل كلمه تخرج من فمه فلا ينطق اللسان الا بما يرضي الرحمن . فيمتنع لسانه من الكذب، والغيبة، وكلام الفضول، ويجعل لسانه مشغولا بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، ومذاكرة العلم. ،ولا يدخل بطنه إلا طيبا وحلالا، ويأكل من الحلال مقدار حاجته فقط
ولا تنظر العين الا لرؤيه جمال الله في كل المخلوقات فلا ينظر إلى الحرام، ولا إلى الدنيا بعين الرغبة، وإنما يكون نظره على وجه العبرة. ولا يمد يده إلى الحرام، وإنما إلى ما فيه طاعة الله عز وجل. ولا تخطو القدم الا في مساعي الخيرفلا يمشي في معصية الله. ولا ينبض الفؤاد الا بذكر الله ، فيخرج منه العداوة، والبغضاء، وحسد الناس، ويدخل فيه النصيحة والشفقة للمسلمين.
والخوف الدائم في امر الطاعه لله ، فيجعل طاعته خاصة لوجه تعالى، فيخاف الرياء، والنفاق، فإذا فعل ذلك فهو من الذين قال الله فيهم:
﴿ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾
وقال تعالى في آية أخرى: ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ يعني نجاة وسعادة
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾ وقد مدح الله المتقين في كتابه في مواضع كثيرة، وأخبرنا في كتابه أنهم ناجون من النار.
وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾

وهنــا اخوتـــي الســــادة القراء الاعـــزاء

نصل الي نهايه مقالي هذا واختم كلماتي بالايه الشريفه التي فيها سعادة الدارين وهي المعني الحقيقي للقرب وحياة الزهد والصلاح في الدين ولدنيا وهي حياة العارفين بالله التي يتحقق فيها طريق الوصول ويري فيها المؤمنين الْمُخْلَصِينَ والمحسنين علامات القبول فتتنزل عليهم الملائكه لتثبيت ايمانهم يبشرونهم انهم اوليائهم في الحياة الدنيا والاخرة حيت قال الله تعالي :-

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ۝ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ۝ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ .
واحمد اله عز وجل ان وفقني لسرد هذة الكلمات واسأل الله ان ينفعنا بها وأياكم والي لقاء اخر في مقال اخر عن الذهد والتصوف
بقلم / محمد حجاب
10 رمضان سنــــ 1444ــه هــ الموافق 1/ابريل سنــــ 2023ــــه مـــ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى