مقال

الدكروري يكتب عن الإبداع والبلاغة في القرآن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإبداع والبلاغة في القرآن
بقلم / محمـــد الدكــروري

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن الإبداع والبلاغة في القرآن الكريم فسبحان الله العظيم أصدق القائلين، وقد قال القاضي أبو بكر الباقلانى والذى يشتمل عليه بديع نظمه المتضمن للإعجاز وجوه منها ما يرجع إلى الجملة وذلك أن نظم القرآن على تصرف وجوهه، واختلاف مذاهبه، خارج عن المعهود من نظام جميع كلامهم، ومبايِن للمألوف من ترتيب خطابهم، وله أسلوب يختص به ويتميز فى تصرفه عن أساليب الكلام المعتاد وذلك أن الطرق التي يتميز بها الكلام البديع المنظوم تنقَسم إلى أعاريض الشعر على اختلاف أنواعه، ثم إلى أنواع الكلام الموزون غير المقفى، ثم إلى أصناف الكلام المعدل المسجّع، ثم إلى معدل موزون غير مسجّع، ثم إلى ما يرسل إرسالا فتطلب فيه الإصابة والإفادة.

وإفهام المعاني المعترضة على وجه بديع، وترتيب لطيف، وإن لم يكن معتدلا في وزنه، وذلك شبيه بجملة الكلام الذي لا يتعمل فيه، ولا يتصنع له، وقد علمنا أن القرآن خارج عن هذه الوجوه، ومبايِن لهذه الطرق، ويبقى علينا أن نبين أنه ليس مِن باب السجع، ولا فيه شيء منه، وكذلك ليس من قَبِيل الشعر لأن من الناس من زغم أنه كلام السجع، ومنهم من يدعى فيه شعرا كثيرا، فهذا إذا تأمله المتأمل تبين بخروجه عن أصناف كلامهم، وأساليب خطابهم أنه خارج عن العادة، وأنه معجز، وهذه خصوصية ترجع إلى جملة القرآن، وتميز حاصل فى جميعه، ومنها أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة، والتصرف البديع، والمعانى اللطيفة، والفوائد الغزيرة، والحكم الكثيرة، والتناسب فى البلاغة.

والتشابه فى البراعة، على هذا الطول وعلى هذا القدر، وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة، وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم قصائد محصورة يقع فيها من الاختلال، ويعترضها من الاختلاف، ويشملها مِن التعمل والتكلف والتجوز والتعسف ما يمكن بيانه، وقد حصل القرآن على كثرته وطوله متناسبا في الفصاحة على ما وصفه الله تعالى به، فإن هذه الحقائق عندما تعيش في وجدان المسلم، ويتربى عليها، يكون انقياده لشريعة الله المنزلة فى كتاب الله انقيادا تاما مستوليا على كل شخصيته، ويعد نفسه متعبدا إلى الله تعالى خالقه بكل تكليف، وكل أمر، وكل نهى يرد فى القرآن أو في سنة النبى صلى الله عليه وسلم يقف منه الموقف المذعن للأمر بالائتمار، وللنهى بالانتهاء، وهكذا إذا صحت العقيدة كان الأخذ بالتشريع القرآني على مستوى صحة العقيدة.

فتصبح كل عبادة مفروضة، من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها من ضروب العبادة مظهرا من مظاهر الصلاح، الذى ينعكس أثره على المجتمع فى مجموعه، والدولة فى نظامها، فالقرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى، الذى تكلم به على الحقيقة، سواء أكان من حيث حروفه أو معانيه، المنزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، عن طريق السماع فقد سمعه الملك جبريل عليه السلام من الله تعالى، وسمعه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، من أمين الوحى جبريل، وسمعه الصحابة الكرام رضي الله عنهم، من النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى