غير مصنف

الفاروق الصغير يتولي الخلافة

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية، الكثير عن الخليفة الراشد الأموي عمر بن العزيز، وهو جده الفاروق عمر بن الخطاب، وقيل أن فى عهده عم الرخاء وفاض الخير فى بيت المال حتى كان المنادى ينادى كل يوم أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ واغتنى كل هؤلاء ولم تعد لهم حاجة إلى المال، حتى قيل عن عهده لقد أغنى عمر الناس، فلم يعد هناك من يقبل أخذ الصدقات، واهتم عمر بن عبدالعزيز حتى بالطير والحيوان، فأمر مسؤول بيت المال بشراء الحبوب ونثرها على رؤوس الجبال حتى تأكل الطير منها فلا يبقى جائع من بشر أو حيوان، ورغم كل ذلك كان عمر بن عبدالعزيز يرتجف من خشية الله خوفا من أن يكون مقصرا فى حق رعيته.

وقالت زوجته فاطمة دخلت يوما عليه وهو جالس فى مصلاه واضعا يده على خده ودموعه تسيل على خديه، فقلت ما لك؟ فقال ويحك يا فاطمة، إنى قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، فتفكرت فى الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعارى المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب، والأسير، والشيخ الكبير، وذى العيال الكثير والمال القليل، وأشباههم فى أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربى عز وجل سيسألنى عنهم يوم القيامة، وأن خصمى دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا تثبت لى حجة عند خصومته، وحين تولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة كانت الدولة الأموية بلغت أقصى اتساع لها فى الشرق والغرب، وكانت جيوشها تضيف للدولة بقاعا جديدة.

فكان من أهم أولوياته إعادة تنظيم الدولة من الداخل، والاهتمام بالإنسان ومراعاة حقوقه، واهتم بنشر الإسلام فى البلاد التى فتحت أكثر من الاهتمام بالفتح نفسه، فحرص على إرسال الدعاة والعلماء أكثر من عنايته بإرسال الجيوش والحملات، ورشد حركة الفتوحات ووجّه هذه الأموال إلى العناية بالإنسان، وهذا يفسر أمره برجوع جيش مسلمة بن عبدالملك الذى كان يحاصر القسطنطينية، فأشفق على الجيش المنهك، كما أن عمره القصير فى الخلافة، وانشغاله بالإصلاح الداخلى، لم يتح له القيام بفتوحات كثيرة، ومن أهم الأعمال التى اهتم وقام بها عمر بن عبدالعزيز أن الدولة الإسلامية فى عهده تبنت تدوين السنة رسميا، فأرسل إلى الأمصار يأمر العلماء بجمع الأحاديث وتدوينها، وكتب لأهل المدينة.

انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاكتبوه، فإنى خفت دروس العلم، وذهاب أهله، فظهرت المصنفات الكبرى فى الحديث وتنوعت مناهجها، لتبقى كتب السنة النبوية ينتفع بها المسلمون عبر الأجيال حتى الآن، فكانت أيام عمر بن عبد العزيز، رغد ونعيم وكان يوزع الزكاة على الناس، وكان ينفق كل ما في بيت المال للمؤمنين، ثم يغسل بيت المال ويصلى ركعتين شكر لله، فهذا هو عمر حتى أنهم قالوا له ياعمر ليس في البلاد فقير فقال سددوا عن الناس ديونهم، قالوا فعلنا، لم يعد أحد يقبل المال، المال فاض ويزيد، قال أعطوا لكل محتاج أو مقعد أو أعمى، أعطوه خادم وخصصوا له راتب من بيت المال ففعلوا وفاضت الأموال، قال من كان يحتاج زواج زوجوه ، فعلوا وفاض، قال أسسوا من كان محتاج تأسيسا في بيته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى