غير مصنف

إعتماد الرشيد علي البرامكة

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الكثير والكثير عن الدولة العباسية وعن الخليفة هارون الرشيد، وقيل أن خلال بداية خلافته اعتمد الرشيد على البرامكة، فعهد إلى يحيى البرمكي بالوزارات، مانحا إياه صلاحيات مطلقة، وقد استمر الوضع على ما هو عليه حتى عام ثماني مائة وخمس ميلادي، حين تخوّف الرشيد من امتداد نفوذهم، وزيادة أموالهم، وميل الناس إليهم، فصادر أموالهم، وقتل قادتهم، وسجن القسم الأكبر منهم، ويختلف المؤرخون في تصنيف علاقات هارون الرشيد النسائية فبينما يجزم البعض أنه كان زير نساء، ويرفض البعض الآخر هذه الفكرة، وتوفي هارون الرشيد عام ثماني مائة وتسع ميلادي، في خراسان، وأخذت البيعة لابنه الأمين، وفقا لوصية والده.

التي نصت أيضا أن يخلف المأمون أخاه الأمين، إلا أن الخليفة الجديد سرعان ما خلع أخاه من ولاية العهد، وعين ابنه موسى الناطق بالحق وليا للعهد، وكان المأمون آنذاك في خراسان، فلما أخذ العلم بأن أخاه قد خلعه عن ولاية العهد أخذ البيعة من أهالي خراسان، وتوجه بجيش لمحاربة أخيه، وقد استمرت الحروب بينهما أربع سنوات، إلى أن استطاع المأمون محاصرة بغداد، والتغلب على الأمين وقتله عام ثماني مائة وثلاثة عشر ميلادي، ظافرا بالخلافة، وتفرد عهد المأمون بتشجيع مطلق للعلوم من فلسفة وطب ورياضيات وفلك، واهتمام خاص بعلوم اليونان، وقد أسس الخليفة عام ثماني مائة وثلاثون ميلادي، جامعة بيت الحكمة في بغداد، والتي كانت من كبريات جامعات عصرها، واخترع في عهده الاسطرلاب.

وعدد من الآلات التقنية الأخرى، وحاول العلماء قياس محيط الأرض، ما يدل على الاعتراف بكرويتها من ناحية، وتطور العلوم من ناحية أخرى، وقد تكون عمليات الترجمة، التي رعاها هو وحاشيته وولاته، أبرز سمات عهده إذ نقلت خلالها العلوم والآداب السريانية والفارسية واليونانية إلى العربية، فاكتسبت من خلاله اللغة العربية مكانة مرموقة إذ تحولت من لغة شعر وأدب فحسب، إلى لغة علم وفلسفة، كما أسهمت عمليات الترجمة في إرساء منسوب ثقافي عال في الدولة، وقد أثر الانفتاح الثقافي على المعتقدات الدينية، فقال المأمون بخلق القرآن، وأجبر الناس على الحذو في هذه الصيغة، كما أعلن المعتزلة عقيدة الدولة الرسمية، ثم عهد بولاية العهد، قسطا من الزمن، لعلي الرضا الشيعي.

وأخذ الشعار الأخضر بدلا من الشعار الأسود، ثم عاد إلى شعار بني العباس الأسود، وقام بتعيين أخاه وليا للعهد، وقد زار المأمون مصر ودمشق والجزيرة الفراتية، وتوفي ودفن بطرسوس، شمال بلاد الشام في العاشر من شهر أغسطس سنة ثماني مائة وثلاث وثلاثين ميلادي، الموافق التاسع عشر من شهر رجب سنة مائتان وثماني عشر من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى