القصة والأدب

الدكروري يكتب عن صاحب الأربعون الأبدال العوالي

الدكروري يكتب عن صاحب الأربعون الأبدال العوالي

الدكروري يكتب عن صاحب الأربعون الأبدال العوالي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر الكثير والكثير عن الإمام إبن عساكر وهو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي، وقيل أن لإبن عساكر كتب كثيرة، فمن المطبوع، هو تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، وكشف المغطى في فضل الموطا، وأربعون حديثا لأربعين شيخا من أربعين بلدة، والمعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل، في شيوخ أصحاب الكتب الستة، والأربعون حديثا في الحث على الجهاد، وتعزية المسلم عن أخيه الأربعون حديثا من المساواة مستخرجة عن ثقات الرواة، ومدح التواضع وذم الكبر، ومعجم الشيوخ، والتوبة وسعة رحمة الله، وذم ذي الوجهين واللسانين، وذم من لا يعمل بعلمه، وذم الملاهي، وفضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

 

والأربعون الأبدال العوالي، والأربعون الطوال، وترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج أحاديثهم أحمد بن حنبل في المسند، ومجلس في نفي التشبيه، وحديث أهل حردان، وفضل شهر رمضان، وفضل يوم عرفة، وذم قرناء السوء، وفضيلة ذكر الله، وتبيين الامتنان في الأمر بالاختتان، وأخبار لحفظ القرآن، وفضل رجب، والحادي والخمسون من أمالي ابن عساكر، والإشراف على معرفة الأطراف، وهو في الحديث، وهو ثلاث مجلدات، وتاريخ المزة، ومعجم الصحابة، ومعجم النسوان، وتهذيب الملتمس من عوالي مالك بن أنس، ومعجم أسماء القرى والأمصار، وخلال التدريس وضع ابن عساكر مؤلفات كثيرة، لكن مؤلفا منها قد ملك عليه فؤاده، وانصرفت إليه همته الماضية منذ أن اتجه إلى طلب العلم.

 

فبدأ يضع مخططا، لكتابه الكبير تاريخ دمشق، يضاهي به عمل الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، الذي صار نموذجا للتأليف في تاريخ المدن، يحتذيه المؤلفون في المنهج والتنظيم، واستغرق التفكير والتأليف في تاريخ دمشق وقتا طويلا من حياة مؤلفه، وصاحبه منذ فترة مبكرة من حياته، فكرة في الذهن، ثم مخططا على الورق، وشروعا في التنفيذ، فهو لم يؤلفه في صباه وشبابه ولم ينجزه في كهولته، وإنما شغل حياته كلها، ولم يفرغ منه إلا بعد أن وهن جسده وكلّ بصره، وكان العمل ضخما يحتاج إنجازه إلى أعمار كثيرة، وكاد المؤلف ينصرف عن إنجازه وإتمامه، لولا أن خبر هذا الكتاب تناهى إلى أسماع نور الدين محمود حاكم دمشق وحلب فبعث إلى الحافظ ابن عساكر يشحذ همته ويقوي من عزيمته.

 

فعاد إلى الكتاب وأتمه، وقد جاء الكتاب في النهاية في ثمانين مجلدة، تبلغ حوالي ستة عشر ألف صفحة مخطوطة، خصص المؤلف القسم الأول من كتابه لذكر فضائل دمشق، ودراسة خططها ومساجدها وحماماتها وأبنيتها وكنائسها، وكان هذا كالمقدمة لكتابه الكبير، ثم أخذ في الترجمة لكل من نبغ من أبنائها أو سكن فيها، أو دخلها واجتازها من غير أبنائها من الخلفاء والعلماء والقضاة والقراء والنحاة والشعراء، وقد تتسع حلقة دمشق في منهج ابن عساكر لتشمل الشام أحيانا فيترجم لمن كان في صيدا أو حلب أو بعلبك أو الرقة أو الرملة، وكما اتسعت لديه دائرة نطاق المكان اتسعت دائرة الزمان، فامتدت من زمن أقدم الأنبياء والمرسلين إلى عصر المصنف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى