القصة والأدب

الدكروري يكتب عن صاحب مذهب الإشراق

الدكروري يكتب عن صاحب مذهب الإشراق

الدكروري يكتب عن صاحب مذهب الإشراق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت المصادر التاريخية الكثير والكثير عن السهروردي وهو أبو الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي، وقيل أنه كتب أهم أعماله التي كادت أن تدمر تماما لولا تلامذته المخلصين، وقد وصفه ابن أبي أصيبعة بقوله كان أوحد في العلوم الفقهية والحكمية والأصول الفقهية، مفرط الذكاء، جيد الفطرة، فصيح العبارة، لم يناظر أحدا إلا بزه، ولم يباحث محصلا إلا أربى عليه، وكان علمه أكثر من عقله، وقال عنه الشيخ فخر الدين الرازي، ما أذكى هذا الشاب وأفصحه، لم أجد أحدا مثله في زماني، إلا أنني أخشى عليه من كثرة تهوره، وتأثر السهروردي بفلاسفة اليونان خاصة أفلاطون ثم بالعقائد الفارسية القديمة، وفلسفة زرادشت، وقد مزج هذا كله بالدين الإسلامي وآراء الصوفية المسلمين.

 

وبالتأثر بما كتبه اليونان القدماء، نقل السهروردي إلى المسلمين مذهب الإشراق، ويقوم في جملته على القول إن مصدر الكون هو النور، وهو يعبر عن الله سبحانه وتعالى بالنور الأعلى، ويصف العوالم بأنها أنوار مستمدة من النور الأول، والمعرفة الإنسانية في مفهوم الإشراقيين إلهام من العالم الأعلى، يصل بواسطة عقول الأفلاك، وهو ما يسمى بالكشف أو الإشراق، أي ظهور الأنوار العقلية بعد تجردها، وبهذه الفكرة، حاول السهروردي تفسير الوجود ونشأة الكون والإنسان، كما أنه حاول إبراز الفلسفة الزرادشتية القديمة من خلال فلسفته النورانية، والتعويل على فكرة النور وإشراق الأنوار لتبديد ظلمة الأجسام والمادة، ويرى السهروردي أن الإنسان يستطيع الوصول إلى الغاية القصوى التي ينشدها الصوفية عامة.

 

وهي الوصول إلى ما اسماه عالم القدس، أي الحضرة الإلهية، عن طريق الرياضة الروحية ومجاهدة النفس، وأنه عند وصوله إلى هذا المقام الأخير السامي، يتلقى من نور الأنوار الله عز وجل، وقد ذكر السهروردي أنه وصل إلى هذه المرحلة عندما فارق جسده، واتصل بالملكوت الأعلى، ولم يكن عصر السهروردي وهو ما بين القرن السادس الهجري، الموافق الثالث عشر الميلادي عصر تسامح فكري، بل كان عصر صراعات سياسية ومذهبية حادة، وكان حلقة من من حلقات الصراعات الممتدة في القرنين الرابع والخامس الهجريين، ونظر الفقهاء والحكام بعين الريبة إلى أفكار السهروردى وأحالوها إلى الدعاوى الباطنية، إلا أن السهروردي كان معتدا بذاته، واثقا من علمه، شجاعا وتحدى الفقهاء في سائر المذاهب.

 

وعجزهم، وصار يكلمهم كلام من هو أعلى قدرا منهم، فتعصّبوا عليه، لا سيما أن طموحه كان بلا حدود، وكان الملك الظاهر قد أعجب بالسهروردي، بل أصبح السهروردي من أصدقائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى