مقال

طريق العرب للحرية هي العمل والإنتاج

طريق العرب للحرية هي العمل والإنتاج

طريق العرب للحرية هي العمل والإنتاج 

كتب / يوسف المقوسي

 

الثورة نقطة تحوّل الى السياسة وإلى اندماج الجمهور في المجال العام والمشاركة، والانتقال من وضع الرعية الى المواطنة. عندما حصلت الثورة، رفضت دول النفط والمال كل حل سياسي في بلدانها، كما في البلدان العربية الأخرى. المعروف أن البلدان تبنى بالدولة، والدولة تنشأ وتستمر بالسياسة، وهذه الأخيرة حوار وانفتاح للمجال العام. الحوار فيه اختلاف يؤدي الى تعددية. دول النفط والمال يبغضون التعددية. يصرون على أن يكون الحكم عن طريق الأمر. يوزعون المال لتخريب بلدان أخوانهم بالعروبة، ويستعينون بالدين لإيهام الناس أن وجودهم في السلطة تكليف من المتسامي. هم في نظر أنفسهم ورثة الله على الأرض. يرثون الأرض، اما الفقراء وهم معظم ناس هذه الأمة لا يرثون شيئاً. هم فقراء لأنهم لا يستحقون إلا الفقر بنظر أهل السلطة النابعة من المال والسلاح. جعلوا الله والدين في خدمتهم. وجعلوا فقر المجتمع إبتلاء من الله. صادروا الدين وكرسوه لتبرير الطاعة والإخضاع.

 

دول غنية بمال النفط (السائل والغاز). اكتُشِفَ تحت الأرض. هو منة من الله عليهم. هم عوّدوا شعوبهم على التوزيع، الاستهلاك، والاتكالية. العمل يفترض التجربة والتعلّم منها. يفترض ازدياد المعرفة والوعي. في التعلّم خطر السؤال. لا بد للسؤال من جواب. البحث عن الجواب يؤدي للمعرفة. انتشار المعرفة سلطة بيد الناس. المعرفة بالتجربة وملاحظة الطبيعة واستقراء النتائج واستخدامها في أساليب العيش والسياسة. ممنوع على الناس في أنظمة المال والنفط إلا الاستنباط من تعليمات من كتب التراث؛ استخراج معلوم من معلوم. المعرفة الحقيقية هي استخراج معلوم من مجهول، وهذا مخيف في نظرهم. دأبهم احتواء المعرفة لتبقى معلبة، وإيكال العلم بها لمن يتخصص في المعاهد الدينية التي يكثرون منها. خريجوها لا يجيدون إلا فتاوى قياساً على القديم. ففي التكرار راحة العقل وراحة الحكام الذين يريدون من المفتين المتخرجين من هذه المعاهد فقط الإفتاء لمصلحة السلطة التي تتأبّد لديهم وتصبح امتدادا للماضي، لا خروجاً منه. التطور هو الخروج على الماضي. يشكّل البحث والسؤال والسعي الى الجديد والتحديث ثورة وهذه تشكل خطراً عليهم.

 

نشأت لدى دول النفط ايديولوجيا اتكالية، جوهرها اعتماد الناس على المال الهابط من الحاكم، والاستهلاك تنعما بما هبط عليهم. مجتمعاتهم لا تنتج شيئاً. الاتكالية نتيجة حتمية لمن اعتمد على السلطة، والتي تعتمد بدورها على ما استخرج من الأرض كمنحة من السماء. لديهم الكثير من المال لشراء السلاح. كدّسوا الكثير منه. لم يكن، ولن يكون، السلاح للدفاع في وجه العدو. في أوج ثورتهم المضادة اعترف بعضهم بإسرائيل وسمّوا ذلك تطبيعاً.

 

لا يشبع الاستبداد من السلطة، كما لا يشبع أصحاب الرأسمال من الثروة. يريدون أكثر. في الدورة البيولوجية للجسد، لا تستطيع أن تأكل أكثر مما يشبعك. في الاقتصاد الرأسمالي، الشبع وجهة نظر. هو مسألة اجتماعية. الرأسمالية تطلق العنان لما ليس في الأصل طبيعة الإنسان. الطبيعة قائمة على التوازن. يُقال أن البيئة عندما تفقد توازنها تموت. الأمر غير ذلك في المجتمع الرأسمالي، خاصة النيوليبرالي، حيث تُزال الضوابط. الرأسمالية تجعل من المجتمع شيئاً مناقضاً للطبيعة. الدين يبارك الخلل. يجعله بشكل ابتلاء من الله. الخلل في المجتمعات العربية لا يُضاهى. يحتاج الى ايديولوجية دينية تبرره، واستبداد يفرضه على طبيعة الأمور.

 

ثبت مرة أخرى خطأ شعار “بترول العرب للعرب”. فالنفط تستخدم عائداته لا لصالح العرب بعامة، بل لحكام العرب الذين يستخدمون حاصله لشراء السلاح ويستخدمونه في قمع المجتمع لدى الأقطار التي تملك الكثير منه، كما التي لا تملك شيئاً منه. الاقتصاد السياسي للنفط هو في الحصيلة منظومة عدائية للمجتمع الذي تتحكم به؛ وهي منخرطة في نظام الامبريالية العالمي وتخضع لأسياده. ملكية العرب للنفط لا تتحقق مع مجرد تأميمه، بل مع تأميم الدولة في كل قطر عربي ليكون النظام خادماً لشعبه لا آمراً عليه، ممثلاً لإرادته لا وكيلاً عن الامبريالية. أنظمة النفط هي منظومة استبداد وإخضاع وإفقار للناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى