القصة والأدب

الدكروري يكتب عن رسول الله يطالع بعقله أحوال الحياة

الدكروري يكتب عن رسول الله يطالع بعقله أحوال الحياة

الدكروري يكتب عن رسول الله يطالع بعقله أحوال الحياة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن ميلاد رسول الله المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم هو ميلاد أمة وميلاد فجر جديد سطع على البشرية ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ولقد كان النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم طويل التأمل والتفكر، حيث كان يطالع بعقله أحوال الحياة، وأحوال الناس، وكان يشاركهم بكل ما هو حسن، وبغير ذلك، فقد كان صلي الله عليه وسلم يعود إلى عزلته، ولما اقترب صلي الله عليه وسلم من سن الأربعين زاد حبّه للخلاء والعزلة، فكان يذهب إلى غار حراء، ويأخذ السويق، والماء، ثم يأخذ أهله معه، وكان يقيم شهر رمضان كاملا، ويقضي هناك وقته في التفكر فيما حوله من مشاهد الكون.

 

وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وعند الأربعين في السنة الثالثة من عزلته في غار حراء في شهر رمضان المبارك نزل عليه الوحي، جبريل عليه السلام، وبعدها بُعث صلي الله عليه وسلم وحمل رسالة الإسلام، وكان أعظم ما مر به مع قريش قبل النبوة، أن قريشا أرادت أن تعيد بناء الكعبة بعد أن تهدم جزء منها ففعلت، حتى إذا بلغت موضع الحجر الأسود، وهو حجر معظم فيها اختلفت قريش فيمن يكون له شرف وضع ذلك الحجر في موضعه واشتد خلافهم حتى أوشكوا أن يفتتنوا، إلا أنهم رضوا برأي من أشار عليهم بتحكيم أول مارّ بهم فكان أول من مر بهم هو رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلي الله عليه وسلم، فلما رأوه هللوا جميعا فرحا، وقالوا رضينا بالأمين حكما، فعرضوا عيه الأمر.

 

فطلب منهم ثوبا وضع عليه الحجر الأسود وطلب من كل فريق أن يرشح واحدا منهم، فرشحت كل قبيلة واحدا منها، وطلب منهم أن يأتوا فيرفعوه جميعا، حتى إذا بلغوا به موضعه من الكعبة أخذه هو صلى الله عليه وسلم فوضعه في مكانه، فازداد بهذا الحدث ذكره عند قريش وغيرهم، فكان صلي الله عليه وسلم يحترم ويرحم الصغير ويوقر ويبجل الكريم، وإن قيمة إحترام الكبير من القيم الإسلامية العظيمة التي يتقرب المسلم بها إلى الله عز وجل، وهي ليست مجرد تقاليد صارمة، أو أعراف، أو عادات بل سلوكيات راقية نؤديها عن طيب خاطر، ورضا نفس، والتماس أجر، وابتغاء ثواب، فحق الكبير التقدير والاحترام، وتقديمه في الأكل والشرب، وفي الشارع والسوق وفي وسائل المواصلات.

 

وعند الحديث لا تقاطعه حتى ينتهي، وفي المجلس ينبغي أن يجلس في المكان اللائق به، وإذا رأيته عليك أن تبدأ بالسلام عليه، وأن تظهر له الفرح والسرور، وعليك مخاطبته بأفضل وأحب الأسماء إلى النفس، وإذا أخطأ الكبير وجب عليك تقديم النصح بأسلوب مهذب وراق، حتى وإن لم يقتنع فقد قمت بدورك وواجبك، ولنقم جميعا بحق كبارنا علينا ليرضى عنا ربنا، لنقم بحق كبارنا، ليقوم بحقنا أبناؤنا، ولنرد الجميل، فقد عطفوا علينا ونحن صغار، لِنرسم بترابطنا وتراحمنا لوحة مشرقة في ليل حالك السواد، تمزقت فيه أواصر المحبة والشفقة والمودة بين أفراد الأسرة الواحدة، بين كبارها وصغارها، في كثير من المجتمعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى