مقال

الحبر اليهودي مع رسول الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحبر اليهودي مع رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، لقد كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إنسانا فريدا في كل أطوار حياته منذ طفولته المبكرة، وفي شبابه قبل البعثة حيث كانت حياته نموذجا كريما للخُلق الرفيع، بل يقول بعض أصحاب السير إن محمد صلي الله عليه وسلم وهو رضيع كان دائما يرضع ثدي مرضعته الأيمن، ولا يرضع من الأيسر، كأنما يتركه لإخوته الآخرين من الرضاعة، ولا غرابة في ذلك فقد صنعه ربه على عينه، ورباه عز وجل فأكمل تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وفطره على محاسن الشيم ومكارم الأخلاق، ولا يستطيع بشر كائنا مَن كان أن يبلغ من الخُلق الرفيع ما بلغه خاتم النبيين لأن الله هو الذي رباه وكمله.

ولا أدل على تمكن صفة الحلم من نفسه صلي الله عليه وسلم وأصالتها في أخلاقه من أن حلمه كان عاما، حتى شمل أعداءه، وكان سببا في إسلام الكثير منهم، فيقول عبدالله بن سلام لما أراد الله هداية زيد بن سعنة، وكان زيد من أحبار اليهود، فقال زيد إنه ما من علامات النبوة شيء إلا عرفته في وجه محمد، إلا علامتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهل الجاهل، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فيقول زيد وكنت أنطلق إليه وأخالطه لأعرف حلمه، ثم إنه كان لزيد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دين، أي قرض، وكان القرض محدودا بأجل، فتعمد زيد أن يأتيه قبل الأجل بأيام، وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى جنازة ومعه بعض أصحابه.

فيقول زيد فجذبت النبي صلى الله عليه وسلم جذبة قوية حتى سقط رداؤه عن عنقه، ثم أقبلت إليه بوجه جهم غليظ، وقلت ألا تقضيني يا محمد ديني، فما علمتكم يا بني عبدالمطلب إلا مطلا، قال ذلك، فتحرك عمر في قوة، ورمى ببصره إلى اليهودي، وقال يا هذا، أتفعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقول ما أسمع، وتفعل به ما أرى، فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أخاف فوته، لسبقني رأسك، كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم هادئ ساكن، يبتسم في هدوء، فيقول ” يا عمر، أنا وهو أولى منك بغير ذلك، أن تأمرني بحُسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، أي بحسن الطلب” ثم يقول ” اذهب يا عمر، فأعطه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر جزاء ما رعته” فانطلق معه عمر، وأعطاه حقه.

وزاده عشرين صاعا كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد ما هذا قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك هذا التمر مكان ما رعتك، فقال يا عمر أتعرفني؟ قال لا، فمن أنت؟ قال أنا زيد بن سعنة، قال الحبر، فقال فما الذي حملك على أن تفعل ما فعلت، وتقول ما قلت؟ قال يا عمر إنه ما من علامات النبوة شيء إلا عرفتها في وجه محمد، إلا هاتين العلامتين أن يسبق حلمه جهل الجاهل، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، أما وأني قد خُبرتهما منه، فإني أشهدك يا عمر بأني قد رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وأشهدك يا عمر أني جعلت شطر مالي وأنا من أكثر الناس مالا صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال عمر أو على بعضهم فإنك لا تسعهم، ثم انطلق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وأسلم أهل بيته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى