مقال

السعادة الظاهرية بين البشر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السعادة الظاهرية بين البشر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله، لقد كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كريم الرفق بزوجاته، يطيب خاطر إحداهن إذا أُسيء إليها، ومن ذلك ما رواه الحاكم في المستدرك عن أم المؤمنين السيدة صفية بنت حُيي وقد كانت يهودية فأسلمت وتزوجت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فتقول السيدة صفية دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال ” يا بنت حُيي، ما يبكيكي؟” قالت بلغني أن السيدة عائشة وحفصة رضي الله عنهن تنالان مني، تقولان نحن خير منها، نحن بنات عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته، فانظر أخي المسلم كيف يُطيّب الرسول صلى الله عليه وسلم خاطرها؟ فقال لها في جميل كياسة، وحُسن سياسة ليرضيها.

“أفلا قلتي لهن كيف تكونان خيرا مني، وأبي هارون، وعمي موسى، وزوجي محمد صلى الله عليه وسلم” ومما ورد في جميل رقته ولطفه، ما جاء في البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها ” إني لأعلم إذا كنتي عليّ غضبى أو كنتي عني راضية” قالت وكيف تعرف ذلك يا رسول الله؟ قال ” إذا كنتي عني راضية تقولين لا ورب محمد، وإذا كنتي علي غضبى، تقولين لا ورب إبراهيم” قالت السيدة عائشة رضي الله عنها أجل يا رسول الله، والله ما أهجر إلا اسمك، وإن لكل فرد في المجتمع شخصية مميزة عن الآخرين، تختلف في الآراء، والأفكار والعادات والمواهب، والأهداف، وهذه الاختلافات بين الأفراد تؤدي في النهاية إلى التكامل إن نجحنا في نبذ العنف والحسد والكراهية.

ولكن الصفات السيئة هي التي قد تؤدي إلى نشر الشرور بين الناس، وإن السعادة الظاهرية ليست بالضرورة مؤشرا على الحالة العامة للإنسان إذ نحن نركز فقط على جوانب معينة من الشخص الذي نقارن أنفسنا به، وبسبب النظر فقط لهذه الجوانب الرائعة من حياتهم، يصبح الشخص بمثابة الفكرة الخيالية المتكلفة والوهم الذي نصنعه بداخل عقولنا، ونحن من اختار النظر فقط إلى السمات التي تثير إعجابنا، بينما نغض الطرف عن الصفات الأخرى السيئة وجوانب الحياة البائسة والتعيسة، التي قد يعيشها هذا الفرد بشكل أو آخر، وتنبع محاولة إرضاء الناس بالرغبة في جعل الجميع يحبوننا، ما يؤدي إلى وضع رأي ومشاعر الآخرين فوق مشاعرنا، ومحاولة إرضائهم مهما كان الثمن.

والمحاولة لإرضاء الآخرين دائما هي احدى نتائج التعاطف المبالغ، فلمجرد العلم بأن أحدا سيشعر بالسوء لا يعني أنه من الواجب إرضاؤه، وإن الجليس الصالح كما هو في في الحديث الشريف هو مستفيد على كل حال، إما أن يعطيك، وإما أن يبيع لك، وإما أن يعلق فيك رائحة طيبة، كذلك الجليس الصالح إما أن يأمرك بالخير، وإما أن ينهاك عن الشر، وإما أن يدعوك إلى الخير ويحضك عليه، فأنت مستفيد، كذلك جليس السوء إما أن يزهدك من الخير أو يرغبك في الشر، فأنت متضرر على كل حال، حتى أن أثر الصحبة صالحة أو طالحة تعدى من عالم الإنسان إلى عالم الكلاب، فإن كلب أصحاب الكهف قد استفاد من صحبة الأخيار، وهو الآن معروف أنه من أخس الحيوانات.

ومع ذلك لما صاحب الأخيار صار له شأن وذكر معهم في القرآن وأصابه ما أصابهم، كما أن الكلب المعلم لما تعلم صار له ميزة وارتفع شأنه بالعلم، وصار يصيد بالتعليم، وله حكم يختلف عن بقية الكلاب، حتى الكلاب إذا تعلمت صار لها شرف ومزية على غيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى