مقال

أثر حُسن الجيرة علي المجتمع

جريده الأضواء

الدكروري يكتب عن أثر حُسن الجيرة علي المجتمع
بقلم / محمــــد الدكـــروري

الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، الذي صبره صلى الله عليه وسلم صبر الواثق بنصر الله، المطمئن إلى وعد الله، الراكن إلى مولاه، المحتسب الثواب من ربه جل في علاه، وصبره صبره صلى الله عليه وسلم صبر من علم أن الله سوف ينصره لا محالة، وأن العاقبة له، وأن الله معه، وأن الله حسبه وكافيه، يصبر صلى الله عليه وسلم على الكلمة النابية فلا تهزه، وعلى اللفظة الجارحة فلا تزعجه، وعلى الإيذاء المتعمد فلا ينال منه، فمات عمه صبره صلى الله عليه وسلم فصبر، وماتت زوجته صبره صلى الله عليه وسلم فصبر.

وقتل عمه حمزة فصبر، وأبعد من مكة صبره صلى الله عليه وسلم فصبر، وتوفي ابنه فصبر، ورميت زوجته الطاهرة فصبر، وكُذب فصبر، وقالوا له شاعر وكاهن وساحر ومجنون وكاذب ومفتر فصبر، وأخرجوه، وآذوه، وشتموه، وسبّوه، وحاربوه، وسجنوه فصبر، وهل يتعلم الصبر إلا منه صبره صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به صبره صلى الله عليه وسلم ؟ فهو صبره صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمّل وثبات القلب، وهو صبره صلى الله عليه وسلم إمام الصابرين وقدوة الشاكرين، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد، روي في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.

” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره” وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم “يا رسول الله، إن فلانة تقوم الليل، وتصوم النهار، وتفعل، وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا خير فيها، هي من أهل النار، قالوا وفلانة تصلي المكتوبة، وتصدق بأثوار، ولا تؤذي أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “هي من أهل الجنة” ولفظ الإمام أحمد، ولا تؤذي بلسانها جيرانها، بل لقد جاء الخبر بلعن من يؤذي جاره، ففي حديث أبي جحيفة، قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال له اطرح متاعك في الطريق، قال فجعل الناس يمرون به، فيلعنونه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، ما لقيت من الناس؟ قال وما لقيت منهم؟

قال يلعنوني، قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فقد لعنك الله قبل الناس، قال يا رسول الله، فإني لا أعود” وإنه لا شك أن لأداء حقوق الجار وحُسن الجيرة أثرا بالغا في المجتمع وحياة الناس، فهو يزيد التراحم والتعاطف، وسبيل للتآلف والتواد، به، يحصل تبادل المنافع وقضاء المصالح واستقرار الأمن، واطمئنان النفوس، وسلامة الصدور، فتطيب الحياة، ويهنأ المرء بالعيش فيها، فلو أحسن كل جار إلى جاره، لظللت المجتمعات السعادة، ولعاشت كأنها أسرة واحدة، فتنصرف الهِمم إلى الإصلاح والبناء والسعي نحو الرقي والتقدم، ويتضح مما سبق البعد الإنساني للدين الإسلامي الذي يحرص على تحقيق روح المودة بين المسلمين بسبل شتى بالترغيب في مرضاة الله عز وجل.

ولقد كان الجيران إلى زمن قريب متآلفين يعرف بعضهم بعضا، يتشاركون في معايشهم وأرزاقهم ويتحمل بعضهم بعضا، ويحفظ بعضهم جاره إذا غاب، ويدعو بعضهم لبعض في صلواته وخلواته، حتى من شدة قوة علاقاتهم شاهدنا كثيرا منهم يضع بابا بينه وبين جاره لسهولة التواصل، فكانوا يدركون عظمةَ بر الجار والإحسان إليه، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، دلنى على عمل إذا عملت به دخلت الجنة، قال صلى الله عليه وسلم” كن محسنا” قال كيف أعلم أنى محسن؟ قال صلى الله عليه وسلم” سل جيرانك، فإن قالوا إنك محسن فأنت محسن، وإن قالوا إنك مسئ فأنت مسئ” رواه الحاكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى