مقال

الشخصية البشرية تخطئ وتصيب

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشخصية البشرية تخطئ وتصيب
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، فإن فعل الخيرات مردود على فاعله، فهنيئا له، وتذكر دائما أنك إن فعلت الخير فإنما هو في ميزان أعمالك أنت لا أحد غيرك، حيث قال تعالي ” من عمل صالحا فلنفسه ” ومعني لنفسه، أي أنت الكاسب الوحيد، لنفسك، وهل هناك من هو أعز عندك وعليك من نفسك؟ وسوف ترى ذلك، وسوف تشاهد هذه الخيرات التي عملتها في دنياك، نعم، سوف تشاهدها هناك في الآخرة مكتوبة، ومكتوب لك أجرها، فقال تعالى ” ليروا أعمالهم ” وسوف تشهد لك هذه الأرض، وسوف تشهد لك الطرقات والمساجد والأمكنة والبيوت والأسواق بأنك عملت ذلك الخير وهذه الخيرات، فقال تعالى ” يومئذ تحدث أخبارها “

أي تحدث بما عمل العاملون على ظهرها، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية” يومئذ تحدث أخبارها ” قال “أتدرون ما أخبارها؟” قالوا الله ورسوله أعلم، قال ” فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول عمل كذا وكذا، يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها” رواه احمد، وإن الإسلام معناه هو الخضوع والاستسلام لحكم الله تعالى في كل أمر، مصداقا لقوله تعالي كما جاء في سورة الأنعام ” إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين” وهذا لا يعني بحال أن الشخصية الإسلامية شخصية معصومة من الأخطاء والمعاصي لا، بل هي شخصية بشرية تخطئ وتصيب، مصدقا لقوله صلى الله عليه وسلم “وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” رواه الترمذي.

وإنما العصمة للأنبياء وحدهم، وإن من أبرز ما يميز الشخصية المسلمة إيمانها العميق بالله تعالى ربا ويقينها بأن ما يجري في هذا الكون من حوادث، وما يترتب عليها من مصائر إنما هو بقضاء ربها وقدره، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها، وما أخطأها لم يكن ليصيبها، وما على الإنسان في هذه الحياة إلا أن يسعى في طريق الخير ويأخذ بأسباب العمل الصالح في دينه ودنياه، متوكلا على الله، مسلما أوامره لله، موقن أنه فقير دوما لعونه وتأييده وتسديده ورضاه، وإن من أبرز ما يميز الشخصية الإسلامية أنها متميزة في تعاملها مع نفسها، لا تفرط في حقوقها ولا تغفل عن مظهرها الحسن الجميل في غير سرف ولا مبالغة، متميزة في شكلها ومظهرها وهيئتها ولذلك لا يهمل المسلم نفسه، ولا يفرط في حقوقها من الراحة والطعام والشراب والجمال.

وعنايته بذلك ينبئ عن فهم صحيح لشخصيته، ويدل على ذوق رفيع ودقة عالية لمهمته في الحياة وسلامة تصوره لشخصيته السوية التي لا ينفصل مظهرها عن مخبرها، إذ الجسم السليم والشكل النظيف الحسن أليق بالمحتوى الجليل والجوهر النبيل، ومنهما تتكون شخصيته السوية الواعية، وإن من خلائق الشخصية المسلمة الواعية لهدي ربها، والمتمسكة بدينها، الإحسان إلى ذوي الإحسان من الوالدين والأقارب والأرحام والجيران، والبر بهم والاهتمام بأمورهم، كم أنها تتعامل مع المسلمين بأخوة الإيمان وهي أمتن الروابط، وأوثق العرى وأعلى الصلات، ولا يغيب عن بال المسلم أن الإسلام الذي حض على التآخي والتحاب والتعاطف هو الذي حرم التقاطع والتدابر والهجر، وأن الهفوات العارضات لا تفرق بين المتحابين الصادقين في الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى