مقال

الوسائل الممكنة المنضبطة بالشرع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الوسائل الممكنة المنضبطة بالشرع
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فإنه يتألم المسلم لما يرى من كثرة القتلى والشهداء في بلاد المسلمين وحق للمسلم أن يحزن لكن مما يسلي المسلم أن يتذكر ما أعده الله للشهداء في سبيله من منازل عالية وحياة كريمة كاملة فالموت في الجهاد حياة أبدية، فإنه بعد معركة بدر كان الناس يقولون لمن يقتل في سبيل الله فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فأنزل الله تعالي ” ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل احياء ولكن لا تشعرون” وقال الحسن إن الشهداء أحياء عند الله تعالى، تعرض أرزاقهم على أرواحهم، فيصل إليهم الروح والفرح كما تعرض النار على آل فرعون غدوة وعشية.

فيصل إليهم الوجع، واستمعوا إلى أمنية رسول الله روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل” فإنه الشوق للجنة، وذلك الذي جعل الصحابي خيثمة وابنه سعد رضي الله عنهما يتنافسان على الخروج إلى الجهاد في غزوة بدر قال خيثمة لابنه سعد إنه لابد لأحدنا أن يقيم فآثرني بالخروج واقم مع نسائك فأبى سعد وقال لو كان غير الجنة آثرتك به، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا فاستهما فخرج سهم سعد فخرج فقتل ببدر، وهكذا فإنه يجب علينا أن نجعل هذا الواجب من حب الوطن والتضحية في سبيلة في سلم أولوياتنها، ولا يلزم أن نتخذ نفس الوسائل التي اتبعها أسلافنا رحمهم الله تعالى، بل الأمة مطالبة باتخاذ كل الوسائل الممكنة المنضبطة بالشرع من أجل تأدية هذا الواجب.

ولا شك أن الأمر جلل وليس هينا، فعلينا على الأقل أن نقدم بين يدي الله الحجة والبرهان يوم القيامة على أننا قمنا بواجبنا، وبلغنا هذا الدين إلى الأمم جميعا، وإن حب الوطن والإنتماء له حركاتنا تدل عليه، حروفنا وكلماتنا تنساب إليه، أصواتنا تنطق به، آمالنا تتجه إليه، طموحاتنا ترتبط به، لأجل أرض وأوطان راقت الدماء، لأجل أرض وأوطان تشردت أمم، لأجل أرض وأوطان تحملت الشعوب ألوانا من العذاب، لأجل أن نكون منها وبها ولها، وإليها مطالبون أينما كنا أن نحافظ عليها، فحب الوطن والتضحية من أجله، هو واقع يستحق أن نعمل بحب وتفان من أجل المحافظة عليه لأنه أثمن ما في وجودنا وانتمائنا، فالوطن هو التاريخ والحضارة والتراث، وهو الذي سكن جسدنا وروحنا وذاكرتنا، ومن أجله وخاصة في هذه الفترة العصيبة نحتاج إلى العمل من دون مقابل.

لأن الوطن فوق كل شيء، وعندما تنقل لنا وسائل الإعلام صور جثامين الشهداء فإن مما يصبر المؤمن أن يتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع الأكبر ويحلى حلية الإيمان ويزوّج من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه” رواه ابن ماجه، ويقول تعالي ” إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام ندوالها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى