مقال

الشبهات وتضليل العقل المسلم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشبهات وتضليل العقل المسلم
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم إنا نعوذ بك من شر أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسألك الهداية التي لا ضلال بعدها، والفوز بجنان الخلد في الآخرة، إن مما أحدث الناس في هذه الأزمان هو ما يقوم به فئام من البشر من الاحتفال في شهر ربيع الأول بمولد النبي صلى الله عليه وسلم حيث يجتمعون في الليلة الثانية عشر منه في المساجد والبيوت، فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصلوات مبتدعة، ويقرؤون مدائح للنبي صلى الله عليه وسلم تخرج بهم إلى حد الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

وربما صنعوا مع ذلك طعاما فأضاعوا المال والزمان وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الرحمن ولو كان خيراَ ما حرمه الله سلف هذه الأمة، وفيهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون وما كان الله تعالى ليحرم سلف هذه الأمة ذلكَ لو كان خيرا، ثم يأتي أناس بعدهم فيحدثون تلك البدعة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله واتخاذ الموالد عيدا بدعة من البدع التي لم يستحبها السلف الصالح ولم يفعلوها، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رحمهم الله أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص، ثم أضاف رحمه الله فأما الاجتماع في عمل المولد على غناء ورقص واتخاذ ذلك عبادة فلا يرتاب أحد من أهل العلم والإيمان في أن هذا من المنكرات التي يُنهى عنها، ولا يستحب ذلك إلا جاهل أو زنديق.

فكم يحرص أعداء الحق اليوم على بث الشبهات، لتضليل العقل المسلم، وتشويه أفكاره الصحيحة، وتشكيك صاحبه بثوابت دينه، ألا فليحفظ المسلم عقله وعقول أهله وأولاده من عادية الشبهات، وحملات التضليل والتشكيك، فإن الاستجابة لها وأد للعقل، وطمس لأنواره، وسبيل هلاكه، وإن العدو الثالث للعقل هو البيئة الفاسدة، التي تعج بالفساد والمفسدين، فكم تكدر من عقول نقية، وتشوّه من صور ذهنية، وتزرع فيها من أفكار منحرفة، وتصورات مهلكة، حتى يغدو العقل بها أسير شهوات، أو حبيس شبهات مضلات، خصوصا في هذا الزمن المُرّ الذي تقل فيه البيئات الصالحة، ويندر فيه الجلساء الصالحون، فعلى الإنسان أن يحذر على عقله وعقول أهله وأولاده أضرار الهوى والمعلومات الخاطئة، والبيئة الفاسدة، فإنها أجنحة الشر الثلاثة التي تطير بالعقول إلى متاهات الغواية.

وآفاق اللوثة الفكرية، وليجعل مكانها التقوى والعلم النقي والبيئة الصالحة فإنها قوارب النجاة للعقول في أمواج الانحراف العقلي الذي يعيشه عالم اليوم، ولقد حافظ الإسلام على العقل البشري محافظة شديدة، واعتنى به اعتناء عظيما فكان العقل من الكليات الخمس التي اتفقت الشرائع السماوية على حفظها، وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وذلك أن العقل موضع استقامة دنيا الإنسان ودينه، وسبب لسلامة ما حوله من ضرره، فقد حرمت الشريعة الإسلامية على المسلم المفسدات العقلية التي تؤدي إلى الإخلال بالعقل فيصبح صاحبه كالمجنون لا يعرف الضار من النافع، ولا الزوجة من الأم أو البنت، وهذه المفسدات العقلية الحسية هي الخمور والمخدرات وما قام مقامها من المسكرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى