مقال

إحترام أنظمة وقوانين المجتمع

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن إحترام أنظمة وقوانين المجتمع
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فهو صلى الله عليه وسلم الذي لم تقف رحمته عن الكفار عند الإعراض عن أذيتهم، والحلم عن جهالاتهم، بل إنها تعدت ذلك إلى مجال أرحب وأفسح، يتجلى في حرصه البالغ على دعوتهم وهدايتهم، وإنقاذهم من النار، فدعوة الكافر إلى الله برفق وحكمة، وتبليغه حقيقة الإسلام من أعظم صور الرحمة به والإحسان إليه، وهي قربة إلى الله، لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر وأمره أن يدعو إلى الإسلام قال ” فوالله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم” رواه البخاري.

وإن هناك ثمة فرق بين الدعاء للكافرين بالهداية، والاستغفار لهم، فالأول جائز والثاني لا يجوز، وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع ” ولا شك أن دعاءه صلى الله عليه وسلم لمخالفيه من الكافرين صورة من صور الرحمة بهم، فقد قدم الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه فقالوا يا رسول الله إن دوسا قد كفرت وأبت فادع الله عليها، فاستقبل القبلة ورفع يديه، فقيل هلكت دوس ظنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رفع يديه للدعاء عليها، فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم اهد دوسا وائت بهم ” رواه مسلم، وإن حب الوطن من الإنسان ومن كل فرد في المجتمع يظهر في احترام أنظمته وقوانينه، وفي التشبث بكل ما يؤدي إلى وحدته وقوته، فحب الوطن يظهر في المحافظة على منشآته ومنجزاته، وفي الاهتمام بنظافته وجماله.

وحب الوطن يظهر في إخلاص العامل في مصنعه، والموظف في إدارته، والمعلم في مدرسته، وحب الوطن يظهر في إخلاص أصحاب المناصب والمسؤولين فيما تحت أيديهم من مسؤوليات وأمانات، وحب الوطن يظهر في المحافظة على أمواله وثرواته، وحب الوطن يظهر في تحقيق العدل ونشر الخير والقيام بمصالح العباد كل حسب مسؤوليته وموقعه، وحب الوطن يظهر في المحافظة على أمنه واستقراره والدفاع عنه، وحب الوطن يظهر بنشر القيم والأخلاق الفاضلة ونشر روح التسامح والمحبة والأخوة بين الجميع، وأن نحقق مبدأ الأخوة الإيمانية في نفوسنا، وأن ننبذ أسباب الفرقة والخلاف والتمزق، وأن نقيم شرع الله تعالي في واقع حياتنا وسلوكنا ومعاملاتنا، ففيه الضمان لحياة سعيدة وآخرة طيبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” رواه مسلم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل انه كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق ودع ما تصنع به، فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه في الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما علموا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض” وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يرحم الله من لا يرحم الناس” رواه البخاري، وكلمة الناس تشمل كل أحد من الناس، دون اعتبار لجنسهم أو دينهم، وقد ساق البخاري في باب رحمة الناس والبهائم حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

” ما من مسلم غرس غرسا فأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له صدقة” ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية ” الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى هدى ورحمة للعالمين، فإنه كما أرسله بالعلم والهدى والبراهين العقلية والسمعية، فإنه أرسله بالإحسان إلى الناس، والرحمة لهم بلا عوض، وبالصبر على أذاهم “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى