مقال

الحياة الطيبة في قلوب الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحياة الطيبة في قلوب الناس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 6 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، أما بعد لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة من الهجرة وقبيل وفاته عثمان بن عفان رضي الله عنه عن وقوع فتنة في زمن خلافته، وأوصاه بالصبر وعدم ترك ما يُراد منه حينئذ من تنازله عن الخلافة، وقد أخبره صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بأنه ستصيبه بلوى وسيُقتل شهيدا، فأطاع عثمان رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يخالف أمره، ولم ينقض عهده، وقد وقع كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي ذلك دليل من دلائل النبوة، حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سيقع لعثمان رضي الله عنه مستقبلا، فوقع كما أخبره به.

وإن هناك كثير من الناس في هذه الأيام تراهم لا راحة لهم في أبدانهم ولا طمأنينة لهم في أنفسهم، فإذا انخفضت الأسعار تمزقت قلوبهم جزعا، وإن ارتفعت الأسعار تقطعت قلوبهم طمعا، فهم على نارين، لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار، يعيشون مفتونين في حياتهم، ومن الناس من يصيبهم الضنك في هذا المال، وتصيبهم الشدة وبين أيديهم الأموال، يسارعون في أعمال الدنيا، ولكنك تراهم يقدمون أكل أموال الناس على طاعة الله تبارك وتعالى، هؤلاء لهم موقف بين يديِ الله تعالى ويكفي أن يكون السؤال بين يدى علام الغيوب، الذي لا تخفى عليه خافية، يعلم السر وأخفى، وهذا تفكيرهم ومعنى الحياة الطيبة عندهم، ثم إن هناك صنف آخر يرون أن الحياة الطيبة هي في الحصول على المناصب والجاه، فيسعون إلى ذلك.

ويسلكون كل السبل التي توصلهم إلى هذا المقصود وإلى هذه الغاية، يبذلون كل غالى ورخيص في أن يحصلوا على مقصودهم، فيبذلون ويقصدون إلى هذه المناصب فلا يعانون عليها، ويتعلقون بها فيوكلون إليها، يحبون من مالأهم ومن ناصرهم ومن ملقهم ونافق، ويبغضون ويكرهون من نصح لهم وأخلص، وهذا حال كثير منهم، ويرون مع ذلك أن هذه هي الحياة الطيبة هي الحياة الطيبة ولو تنازلوا عن شيء من دينهم، ولو أشغلهم ذلك عن طاعة ربهم، ولو أطاعوا المخلوق في معصية الخالق، وقليل من الناس من يأخذ ذلك طاعة لله، لا يسأله من نفسه، وإذا وُكل إليه وحُمّله فإنه يستعين الله عليه ويطيع الله فيه، لأنه يذكر قول رسوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفارى رضي الله عنه “يا أبا ذر، إنها أمانة،

وإنها يوم القيامة خزى وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها” ثم صنف ثالث من الناس يرى أن الحياة الطيبة والحياة الكريمة، في حصول النفس على شهواتها، وتمتعها بلذائذها، وحصولها على ذلك من أي سبيل، حتى ولو كان في معصية الله تبارك وتعالى، فتراهم يرتعون، يسرحون ويمرحون كالبهائم بل هم أضل، يحرصون على التمتع باللذائذ، ويعجبون أن يقال لهم اتقوا الله، ويعجبون لمن يرى الحياة الطيبة في غير ما هم يسلكون وفي غير ما هم وراءه يسعون، يتبعون اللذائذ وينتقلون إليها، ويشدون الرحال من بلد إلى بلد ليعصوا الله، وليترفوا وليلذذوا أنفسهم بمعصية الله، تغرهم هذه النعمة من صحة في البدن، وأمن في الوطن، ورخاء في العيش، فبدلا من أن يكون ذلك شكر يكون ذلك كفر الغفلة تستولي على قلوبهم، يرون ويسمعون ما حولهم من الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى