مقال

حقيقة قضية التضحية

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن حقيقة قضية التضحية
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 11 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إنه لا طاعة للوالدين في معصية الله تعالي، حيث قال الحسن “من أمرته أمه أن يصلي العشاء في البيت ويترك الجماعة فليعصها وليذهب إلى المسجد” فلا طاعة للوالد في المعصية لأنه قد وجد من بعض الآباء من يجبر أبناءه على المعصية، ويرفض أن يستقيم ابنه، فمثلا إن قصر الابن ثوبه على السنة قال هذا لا يوافق، هذا ليس من زينا، هذا من التزمت، هذا من التطرف، فيرفض ابنه ومسلك ابنه، وهذا خطأ، فطاعة الوالد في معصية الله عز وجل ليست واردة، لكن يطاع في طاعة الله عز وجل، ومن بر الوالدين هو الإنفاق عليهما وقت العجز، وكذلك من بر الوالدين هو تقديمهما على الزوج والأولاد.

ومن البر لهما أن يقدم والديه على أبنائه وبناته وعلى زوجته، فلا يقدم زوجته مهما كانت، وإن فعل فقد خان الله ورسوله، وخان دين الله وميثاقه وعهده، وإن قدم زوجته وأرضاها على حساب أمه، فهذا خائن غادر لميثاق الله عز وجل بل يجب أن يكون رضا الوالدة مقدما دائما فإن أراد أن يحلي زوجته، أو يلبسها، أو يطعمها، فبعد أن يرضي أمه، وأن يقدمها في كل الحقوق فإن تنازلت وسمحت ورضيت فلا بأس أن يزيد لزوجته لأنه أرضى قبلها أمه، ومن بر الوالدين هو السكنى، حيث قال أهل العلم يسكنون أينما أرادوا، ولو كان في العين، فإن العين مهما ضاقت فإنها لا تضيق بالوالدين، فمن حقوقهما السكنى حيث لا يسكن الولد إلا ووالداه معه إلا إذا اختارا ورأيا أن المصلحة في عدم السكنى معه، لسلامة القلوب.

والبعد عن الشجار والاختلاف، فلهما ذلك لكن إذا أراد الوالد أو الوالدة بيتا أو اختارا أمكنة من بيوته فيقدمان، ولهما الحق شريعة وعرفا وميثاقا وعهدا من الله تعالي، ومن بر الوالدين هو الزيارة، ومن حقهما هو الزيارة، فإذا كانا في بلد بعيد فبالاتصال، وطلب الرضا والسماح، وطلب الدعاء منهما، وإن حقيقة قضية التضحية، وهي يعني المعنى العميق للإنسان الكريم الكرم والذاتى الكرم الشخصي هو دائما يعني عطاءا مجانيا هو دائما يعني تضحية التنازل عن مصلحة في سبيل تحقيق مصلحة لآخرين وكثير الآن من التوترات التي تحدث في حياتنا حدثت بسبب أن جانب الأنانية أو الحرص على المصلحة الشخصية، زاد عن الحدود الطبيعية ولذلك قل جانب التضحية وجانب العطاء المجاني.

فاتقوا الله واعلموا أن على كل امرئ أن يكون ذا بصيرة وتمحيص، فلا يرضى بكل فكرة بحجة أن قومه عليها، أو بكل سلوك بذريعة أن الكل صانعه، كما عليه ألا يسمح لمن حوله أن يملكوا زمام توجيهه، ولا لعادات مجتمعه أن تقيد سيره في الخير والرقي، أو تغطي عينيه عن رؤية النور والحقيقة، وليكن من شعارنا في مسير هذه الحياة، فى قوله تعالى ” وعجلت إليك رب لترضى” وأن الفرد كما أنه مسؤول عن صلاح نفسه وتقويمها، فإنه مدعو إلى تطويرها وتعزيز قدراتها، فترك تزكيتها وإصلاحها عقباه خسران الدنيا والآخرة، وإهمال تطويرها عقباه الضعف والوهن، وإن المؤمن العاقل لا ينتظر من أهله ومجتمعه أن يأخذوا بيده إلى الرقي والتقدم، أو يدفعوه إلى استغلال مواهبه، وإبراز ملكاته، وتنمية قدراته.

بل يسعى بنفسه إلى بناء ذاته، ويحرص على تكوينها وتطويرها علميا، وعمليا، ومهنيا ونحن نجد في كتاب الله عز وجل وفى سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ما يستثير النفوس إلى ذلك، وما يدفع بالهمم إلى تحقيقه، أوليس مما يحث النفس على طلب العلم وفتح خزائن المعارف فى قوله تعالى ” قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب” أو لا يدفع إلى ذلك قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ” إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا لما يطلب” وقوله صلى الله عليه وسلم “من سلك طريقا يطلب فيه علما، سهـل الله له طريقا إلى الجنة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى