مقال

العودة إلى المنهج المعتدل القويم

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن العودة إلى المنهج المعتدل القويم
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 12 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، في زمن تكالب فيه أعداء الإسلام على أهله، وفي زمن كشر الشر فيه عن أنيابه، وفي زمن انتشرت فيه وسائل الفساد وعمت وطمت، كان لزاما علينا نحن الآباء والمربين وأولياء الأمور أن نهتم بشأن تربية الأولاد، وأن نبحث عن كل ما من شأنه أن يعيننا على القيام بهذه المسؤولية، ولننظر ونتأمل في سير سلف الأمة كيف تربوا وربّوا الأجيال على ما يعود بالصلاح والنفع عليهم، وكم نحن بحاجة إلى درة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض المواقف والأحيان؟ ولننظر أيضا في حال سير أهل الترف قديما وحديثا.

وماذا جر عليهم الترف في الدنيا والآخرة، فيا أيها المربون، لنستثمر أوقاتهم بالنافع المفيد، ولنقدم للأبناء برامج ودورات تأهيلية علمية تربوية نوعية تحصينية، ولنربطهم بجيل الصحابة رضي الله عنهم، وبالقدوات الكبار إلى غير ذلك مما يستطيع بذله أمثالكم تجاه مجتمعاتهم، وكما تعلمون أن صناعة الأجيال فن لا يتقنه إلا أنتم، فعودوا لترميم دور التربية من جديد لاستقبال مهيب، وحفل بهيج، وبناء مجتمعي محكم قويم، ولنعود إلى منهج الإسلام الخالد في التعامل مع نعم الله السابغات وتطبيق قواعده المثلى في واقع حياتنا العملية التطبيقية المنطلقة من قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ” كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة” فالعودة إلى المنهج المعتدل القويم السديد وامتثاله وتطبيقه.

هو النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وإذا سرتم على هذا فستقطفون الثمار، وتحصدون النتائج المرضية، وتفرحون برؤية البنيان المرصوص في الدنيا والآخرة، وإعلموا رحمكم الله أن خير الكلام كلام الله عز وجل، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، واعلموا رحمكم الله أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيتخطى غيرنا إلينا، فالسعيد من وُعظ بغيره، واستعد للقاء ربه، واعلموا رحمني الله وإياكم أن خير ما يعين الإنسان على أن يسلك مسالك الإحسان، ويجتنب طاعة الشيطان، أن يستشعر فيما يقدم عليه، هل ينفعه في آخرته أو يضره؟ فإذا جعل لنفسه هذا المعيار، هل هذا العمل الذي أقدم عليه من أمور الدنيا ينفعني في حفرتي في قبري، ينيرها، يضيئها، يُوسّع عليّ فيها؟

فليقدم وليبشر بالخير من الله، وأما إن كانت الأخرى فإن كان ما يقدم عليه إنما هو إثم وشنار وعار، فينبغي أن يكفّ عنه، وهذا مقتضى الإيمان ومقتضى العقل لأنه لا خير في لذة حاضرة تورث عذابا دائما، ولا خير في مُكتسب هو مؤقت ينال به الإنسان فرحة لحظية، ثم يكون في عاقبتها العذاب والنكال في الدنيا والآخرة، فمن جعل لنفسه هذا المعيار بأن يقيم على نفسه حسيبا منها، هل ينفعه هذا العمل عند ربه أو يضره، كان عاقبة أمره إلى خير، وذلك أنه ولله الحمد الحلال بيّن والحرام بيّن، لكن المشكلة فينا أننا مع علمنا بالحلال كثيرا ما نتجنبه، وأنه مع علمنا بالحرام كثيرا ما نقترفه، والسبب في ذلك هو التسويف والتأجيل، واستبعاد ما عند الله، ونسيان أو تناسي مراقبته جل وعلا، وتكرار مثل هذا الأمر يورث حجابا على القلب، يجعله لا يستشعر بعد ذلك حلالا ولا حراما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى