مقال

الإيذاء والإضرار بمصالح العباد

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإيذاء والإضرار بمصالح العباد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 16 نوفمبر 2023

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع من شأن الحرفيين فيجيب دعوتهم، فعن أنس بن مالك قال “إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء، والدباء هو القرع قال أنس فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول القصعة، فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم” متفق عليه، وقال النووي ” فيه فوائد، منها إباحة كسب الخياط” وقال ابن حجر ” فيه دليل أن الخياطة لا تنافي المروءة”

وقال العيني “وفيه جواز أكل الشريف طعام الخياط والصائغ، وإجابته إلى دعوته” وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال جاء رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب، فقال لغلام له قصاب أي جزار، اجعل لي طعاما يكفي خمسة، فإني أريد أن أدعو النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة، فإني قد عرفت في وجهه الجوع، فدعاهم، فجاء معهم رجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن هذا قد تبعنا، فإن شئت أن تأذن له فائذن له، وإن شئت أن يرجع رجع” فقال لا، بل قد أذنت له، وقال النووي “أي يبيع اللحم، وفيه دليل على جواز الجزارة وحل كسبها” وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشيد بالمبدعين من أصحاب الصنائع ويوكلهم بالأعمال، فعن قيس بن طلق عن أبيه قال بنيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة فكان يقول.

“قدموا اليمامي من الطين فإنه من أحسنكم له مسّا” رواه ابن حبان، وزاد أحمد “وأشدكم منكبا” ولقد حث الإسلام على العمل والاحتراف والإنتاج، ورغب فيه وشجع عليه، وصغر من شأن من يتهاون به، أو يحتقره ونوه القرآن بأعمال كثيرة في الصناعة والزراعة والتجارة وغيرها، ومما يدل على ذلك أن القرآن الكريم دعا إلى الصناعات التي هي من مقومات الحياة كصناعة الحديد وما فيها من فوائد في الحياة، ومن الصناعات التي لا يستغني عنها الإنسان صناعة الملابس والكساء، ومما جاء الإسلام بتأكيده، والحث عليه هو العمل وبناء الأرض وعمارتها فدعانا إلى أن نعمل إلى آخر لحظة من حياتنا وحتى لحظة قيام الساعة حتى لو لم ندرك ثمرة هذا العمل وما ذلك إلا لبيان قيمة العمل وأهمية الإنتاج للأفراد والأمم.

فإياكم وإيذاء الناس، فإن من صور الإيذاء والاعتداء هو إيذاء الرجل زوجته بالجور والظلم والقهر والقسوة والغلظة والحرمان والتهمة والظن والتخوين والشك في غير ريبة، ومعاملتها بالخلق الدني واللسان البذي الذي لا تبقى معه عشرة ولا يدوم معه استقرار ولا سكون ولا راحة، ومن الرجال من يترك زوجته معلقة لا ذات زوج ولا مطلقة ليحملها على الافتدا ودفع عوض المخالعة ظلما وعدوانا، ومن الرجال من يحرم المرأة أولادها بعد تطليقها إمعانا في الإساءة والأذى، ومن صور الأذى هو إيذاء المرأة زوجها بالمعاندة والمعارضة والمكايدة والاستفزاز وعدم رعاية حقه في المغيب والمشهد، إلى غير ذلك من صور الأذى التي يرفضها الشرع الحكيم ويأباها الطبع السليم والعقل المستقيم، فاتقوا الله وكفوا الأذى وابذلوا الندى تنالوا الحسنى وطيب الذكرى، وتسعدوا وتسلموا في الدنيا والأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى