دين ودنيا

الدكروري يكتب عن النموزج الرائع للتاجر الصادق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن النموزج الرائع للتاجر الصادق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : السبت الموافق 18 نوفمبر 2023

 

الحمد لله رب العالمين أن هدانا إلى الإيمان، وأنزل القرآن على نبينا ورسولنا خاتم المرسلين، حيث قال تعالى في إفتتاح سورة الكهف ” الحمد لله الذي أنزل علي عبدة الكتاب ولم يجعل له عوجا” والحمد لله رب العالمين أن بعث فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، والحمد لله أن جعل الرسول الأمين صلي الله عليه وسلم شفيعنا يوم القيامة وشهيدا، وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول ” اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق.

 

والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا الله أنت” ولقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن الحلف كاذبا، فإن الحلف كاذبا حرام، وأشده حرمة من أجل الكسب، فعن أبي ذر رضي الله عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم”ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، المسبل إزاره، والمنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة، والمنفق سعلته بالحلف الكاذب” رواه مسلم، ولقد أعطي السلف الصالح نموذجا رائعا للتاجر الصادق الأمين فهذا يونس ابن عبيد الله رحمه الله تعالى من التجار فكان عنده حلل مختلفة الأثمان، ضرب قيمة كل حلة منها أربعمائة.

 

وضرب كل حلة قيمتها مائتان، فمر إلى الصلاة وخلف ابن أخيه في الدكان، فجاء أعرابي وطلب حلة بأربعمائة فعرض عليه من حلل المائتين فاستحسنها ورضيها، فاشتراها فمضى بها وهي على يديه، فاستقبله يونس فعرف حلته، فقال للأعرابي بكم اشتريت؟ فقال بأربعمائة، فقال لا تساوي أكثر من مائتين فارجع حتى تردها، فقال هذه تساوي في بلدنا خمسمائة وأنا أرتضيها، فقال له يونس انصرف، فإن النصح في الدين خير من الدنيا بما فيها، ثم رده إلى الدكان ورد عليه مائتي درهم، وخاصم ابن أخيه في ذلك وقاتله وقال أما استحييت، أما اتقيت الله، تربح مثل الثمن وتترك النصح للمسلمين، فقال والله ما أخذها إلا وهو راض بها، قال فهلا رضيت له بما ترضاه لنفسك؟ ومطلوب الشعور الدائم بمراقبة الله تعالى.

 

وهذا من منهج الإسلام الذي وضعه لتربية الناس على خلق الأمانة خاصة في البيع والشراء فقد غرس الإسلام في نفوس أتباعه الشعور الدائم بمراقبة الله تعالى، والإحساس بمعيته في جميع الأحوال في السفر والحضر، في الخلوة والجلوة، في الليل والنهار، في السرّ والعلانية، وهكذا ربط هذا المنهج التربوي الناس بربهم فراقبوه في أعمالهم حتى أينعت ثمرات هذا المنهج، فظهرت الأمانة في أبهى صورها عبر أحداث روتها لنا كتب الحديث الصحيحة، ومن ذلك ما روى عن عبد الله بن دينار أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة، فعرسنا في بعض الطريق، فانحدر بنا راعي من الجبل فقال له، يا راعي، بعني شاة من هذه الغنم، فقال إني مملوك.

 

فقال قل لسيدك أكلها الذئب، فقال الراعي فأين الله؟ فبكى عمر رضي الله عنه ثم غدا مع المملوك، فاشتراه من مولاه، وأعتقه، وقال أعتقتك الصدق في الدنيا هذه الكلمة، وأرجو أن يعتقك في الآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى