مقال

أبشع صور البخل وأقساها

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أبشع صور البخل وأقساها
بقلم / محمــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 27 نوفمبر

الحمد لله حمدا حمدا، والشكر لله شكرا شكرا، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما شئت من شيء بعد، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، إن أنواع الغش كثيرة جدا ومتعددة لا يجمعها أنواع البيع على خلاف الواقع والواجب علينا تقوى الله وعدم الغش والصدق في القول والعمل، فإن كل ما يدخل عليه بغير حق فإنه حرام عليه لا يجوز له، وإذا كان الغش وهو تقديم الباطل في ثوب الحق مذموما في الطعام فكيف بالغش في الوظيفة والعمل والتوجيه والإرشاد وفي جميع شئون معاملة الإنسان لأخيه، ولهذا كان السلف يفهمون مدى خطورة الغش ويطبقون أحاديث المصطفى فكانوا يبينون ولا يكتمون، ويصدقون ولا يكذبون، وينصحون ولا يغشون.

عرفوا بحق قول النبي صلي الله عليه وسلم” لا يحل لإمرئ يبيع سلعة يعلم بها داء أي عيبا الا أخبر به ” وتزداد حرمة الغش إذا صاحبته اليمين الكاذبة، يحلف وهو كاذب كما قال صلى الله عليه وسلم ” الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة ” وقد أصبح الغش عند كثير من البائعين إلا من رحم الله ركنا أساسيا يندر أن تجد بائعا غير غاش، فينبغي للإنسان في هذا الزمان الذي انتشر فيه الغش وعمّ وطمّ وقل فيه الخوف والضرب على أيدي الغشاشين أن يحذر منهم ويتحفظ في المعاملة معهم فإنهم بمثابة السراق، وكثير من البائعين اليوم ممن لايخاف الله يحاول إخفاء العيب فى سلعته، فيجب علينا أن نبتعد عن الغش وعن التزييف وعن الخداع حتى نلقى الله وهو راض عنا، وإن الكرم من صفات الله سبحانه وتعالي.

ومن كرمه عز وجل أن فوقك إلى الطاعة وهداك إلى الصراط المستقيم ويثيبك على الحياة الطيبة في الدنيا والجنة في الآخرة، ومن كرمه عز وجل أن جعل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وجعل السيئة بواحدة و يعفو سبحانك يا غني يا كريم، وهناك أيضا الكرم بالمشاعر والعاطفة والكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة، والبخل بهذه الأشياء من أبشع صور البخل وأقساها وأسوؤها أثرا على العلاقات والنفوس، فهناك من البخلاء حين يراك يظل وجهه متصلبا لا يبش بنظرة ولا يلين بابتسامة، وكأنه يخاف على وجهه أن يتهدم، أو على شفتيه أن تتثلم، وهناك من يعجبه صنيعك وتصرفك، ولكنه يشح عليك بكلمة شكر أو تقدير يسعدك بها، وفيهم من يحبك حبا حقيقيا ولكنه يبخل عليك أن يقر لك بهذا الحب أو يعترف لك بهذه المشاعر.

وإن من أعظم صفات الكريم الجواد البسمة على محياه، والتهلل والبشر، ويوم تراه تجده متهللا، وقيل أنه كان نبى الله إبراهيم الخليل عليه السلام إذا أراد الأكل خرج ميلا، أو ميلين يلتمس من يأكل معه فبصدق نيته دامت ضيافته في مشهده إلى يومنا هذا، وهو أول من بنى دار الضيافة، وجعل لها بابين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن الله وسع على خليله في المال، والخدم فاتخذ بيتا للضيافة له بابان يدخل الغريب من أحدهما ويخرج من الآخر وجعل في ذلك البيت كسوة الشتاء والصيف، ومائدة منصوبة عليها طعام فيأكل الضيف ويلبس إن كان عريانا، ومن الكرم والجود والسخاء، هو القناعة بما تيسر من أخلاق الناس، فلا تطلب فيهم الكمال، واسلك سلم التغافل والإعراض.

فإذا كنت كذلك فأنت معدود من الأبرار الأخيار الذين اختارهم الله عز وجل، وجعل لهم أخلاقا، منها اللين والبسمة والرحابة والبشاشة والقرب من الناس والتحبب إليهم، وهذا هو الجود بالخلق الكريم، ولا يحمله إلا من أعطاه الله سبحانه وتعالى، خلقا نبيلا عظيما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى