مقال

صاحب الشيخوخة المتألقة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن صاحب الشيخوخة المتألقة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا الله الحليم الكريم، رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وخلفائه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد، إن الأحكام الشرعية القابلة للتغيير وفق المصلحة، لا تمس الأحكام الشرعية، التي تمثل جوهر الإسلام الثابت البتة، بل إنهما كاليدين، يتعاونان معا لتأمين مصالح المسلمين، والعمل على تطورهم، وتبوءهم المحل الأرفع، والمكان الأسمى بين سائر الأمم، كما أن مبدأ الشورى من الثوابت الإسلامية الباقية على كرّ الدهور، فلا تغيير في هذا المبدأ الذي أرسى قواعده قول الله تعالى ” وأمرهم شوري بينهم ” وقوله تعالى ” وشاورهم في الأمر “.

أما عن الكيفية التي تكون فيها الشورى، واختيار أهل الشورى والخليفة ومبايعته فهي متروكة للمسلمين يجتهدون في اختيارها وتحديدها، وتحسينها وتطويرها، حسب الزمان والمكان، ولذلك اختلفت طريقة اختيار الخلفاء الراشدين الأربعة، كل حسب ظروف اختياره وفي عصرنا يمكننا اختيار طريقة الترشيح وانتخاب الأفضل بأغلبية الأصوات، كما هو شأن النظام الديمقراطي ويمكننا أن نضع ما نراه من شروط ومواصفات علمية وخلُقية لمن نرشحه وكذلك يمكنا تحديد من يختار وطريقة الاختيار، وإن من كان في شبابه مع الله عز وجل، يهيئ الله تعالى له شيخوخة متألقة، ومن عاش تقيا عاش قويا، الله يمتعه في صحته بسمعه ببصره، وبذاكرته، وبمكانته، فقال الله تعالى في سورة يس ” ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون”

وكان العبد الصالح أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة، وهو ممتع بعقله وقوته وكافة حواسه، حتى أنه سافر ذات مرة مع رفقة له فلما اقتربت السفينة من الشاطئ وثب منها وثبة شديدة، عجز عنها بقية الذين كانوا معه على السفينة فاستغرب بعضهم هذه القوة الجسدية التي منحها الله إياه، مع كبر سنة وشيخوخته، فقال لهم الطبري “هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر” وكما يجب علينا أيضا استثمار المال، فإن المال هو عصب الحياة، وقوام المعاملات الاقتصادية، وهو وسيلة لتبادل المنافع بين الناس، وتقويم المجهود المبذول في العمل والجزاء عليه، حيث يتمكن به الإنسان من إشباع رغبات النفس، وإذا كان الإنسان مولعا بحب المال، وممتحنا به في هذه الحياة الدنيا.

فهل يتحرى توجيهات الشرع الحكيم في كسبه وإنفاقه؟ أم يكون همه هو هو جمع المال وتبذيره دون مراعاة الحلال والحرام في كل ذلك؟ فقال الله تعالى في سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخيرا أملا” وقال تعالى في سورة الفجر ” وتحبون المال حبا جما” وقال جل شأنه في سورة العاديات “وإنه لحب الخير لشديد” وإن المال في الإسلام مال الله، والإنسان نائب عنه في الإشراف عليه، فقال الله تعالى في سورة الحديد ” وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه” والمال يعين المسلم على أداء بعض فرائض الإسلام وتكاليفه وشعائره مثل إيتاء الزكاة وأداء الحج والجهاد في سبيل الله، كما أنه وسيلة من وسائل التضامن والتكافل الاجتماعي مثل إعطاء الصدقات والكفارات والوصايا والوقف والنذور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى