مقال

صور التخطيط في السنة النبوية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صور التخطيط في السنة النبوية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 2 ديسمبر

الحمد الله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا الله الحليم الكريم، رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وخلفائه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد إن من صور التخطيط في السنة النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم “لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين” رواه البخاري ومسلم، والدروس المستفادة من هذا الحديث في مجال التخطيط هو الاتعاظ، وأخذ العبرة من الماضي، وعدم تكرار الأخطاء، وأن يأخذ المسلم الحذر والحيطة في الأعمال التي يقدم عليها، وقد قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عادني النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع من مرض أشرفت فيه على الموت.

فقلت يا رسول الله، بلغ مني من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال “لا” قال أفأتصدق بشطره؟ أي نصفه قال “لا” قال أفأتصدق بثلثه، قال “فالثلث يا سعد، والثلث كثير، فإنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس” رواه البخاري، ويوضح هذا الحديث أن الاحتياط واجب، وأن الإنسان يجب أن يعتمد على نفسه بعد الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب لكي يعيش عيشة كريمة تقيه من ذل السؤال، أو الاعتماد على الغير، فلما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة، خطط لها تخطيطا دقيقا محكما، ويتجلى ذلك في اختيار الصديق المناسب، القادر على إنجاح العملية، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو دور الكبار، وكذلك فى تجهيز الوسائل الضرورية قبل الموعد بزمن كافي.

لتفادي السرعة والارتباك، الذين قد يحصلا لحظة الهجرة ولذلك جهزت الراحلة قبل الموعد بأربعة أشهر، وبسرية تامة، وكذلك إتقان دور المخادعة والمخاتلة الحربية، لضمان تحقيق المهمة بغير مفاجآت، كتكليف علي بن أبي طالب بالنوم في فراش النبي صلى الله عليه وسلم تمويها على المشركين وتخذيلا لهم، وهذا دور الفتيان الأقوياء، وكذلك إشراك النساء في إنجاح الهجرة بما يناسب دورهن، حيث تقول عائشة رضي الله عنها متحدثة عن نفسها وأختها أسماء فجهزناهما، أي الراحلتين أحث الجهاز، أي أسرعه والجهاز ما يحتاج اليه في السفر، وصنعنا لهما سفرة، أي الزاد الذى يصنع للمسافر في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سُميت ذات النطاقين” رواه البخاري.

وكذلك من الخطيط هو تخصيص حيز للأطفال لإبراز دورهم في هذا الحدث العظيم، ويمثله دور عبدالله بن أبي بكر، الذي كان يتقصى أخبار قريش، وينقلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه وهما في غار ثور، وكان من جميل التخطيط، هو تكليف الراعي عامر بن فهيرة أن يسلك بقطيعه طريق الغار، ليزيل آثار الأقدام المؤدية إليه، ثم يسقي النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه من لبن غنمه، واعلموا يرحمكم الله إن هذا الدين مسؤولية كل من يعتنقه، ولذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول لتأخذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، فهي مناسكنا وهذا ديننا وهذا ذكرنا فكل مسلم مسؤول عنه، وينبغي أن يبلغه للعالمين وأن يعرف الناس به لأن هؤلاء الناس أعداد هائلة، من الخسارة الكبرى أن يموت هؤلاء الأعداد دون أن يعرفوا هذا الدين العظيم الذي هو جنة الدنيا تقدمة جنة الآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى