مقال

القلب الصبور القانع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن القلب الصبور القانع
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 5 ديسمبر

الحمد لله الأول والآخر والظاهر والباطن، فهو الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم، أما بعد إن من أهمية الإيجابيه أنها تجعل المرء يتحمل مصاعب الحياة ويتغلب عليها، حيث أن الحياة لا تسير دائما على وتيرة واحدة فيوم حلو وآخر مر، والإنسان السلبي هو الذي تغلبه الأزمات، وتصرعه الملمات، وربنا سبحانه وتعالي يأمر المسلمين بقوله ” ولا تهنوا ولا تحزنوا” ومعني تهنوا أي تضعفوا فالوهن هو سبب تكالب الأعداء علينا فالهزيمة داخلية قبل أن تكون خارجية، فما قيمة العدد الكثير الذي لا يقوى على تحمل المشاق، وينكص على عقبيه عند ملاقاة الأهوال؟

وكما يقال العبرة بالكيف لا بالكم، فبتوطين المرء نفسه على الجلد والصبر والمثابرة يكون قد أخذ عدته التي بها يلاقي أصعب الظروف وأحلكها، ويخرج من تلك المعركة منتصرا ظافرا، ومن الإيجابية قيل أنه رأى رجل رجلا مستندا على شجرة، وهو يقول الحمد الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا من خلقه، فقال له وأراد أن يختبره، قال له يا رجل، هل لك بلد تسكنه؟ فقال لا، فقال هل عندك دار؟ فقال لا، فقال هل عندك مال؟ فقال لا، فقال هل عندك زوجة أو أولاد؟ فقال لا، فقال ليس عندك من حطام الدنيا شيء وأنا أرى مرض الجذام يأكلك، ومع ذلك أراك تقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا من خلقه، من أي شيء عافاك الله؟ والله ما أرى إلا البلايا كلها قد حطت عليك، فقال له ابتعد عني يا بطال، تريد أن تفسدني على ربي؟

ألم يترك لي قلبا يعرفه ولسانا يذكره؟ ثم قال حمدت الله رب إذ هداني، إلى الإسلام والدين الحنيف، فيذكره لساني كل وقت، ويعرفه فؤادي باللطيف، نعم أنت إذا خلوت بربك وركعت له، وسجدت له، وطاوعك جسدك في الركوع والسجود، فأنت في أعظم نعمة، وإذا قمت قبل الفجر، وناجيت الله تعالى، وهو سبحانه قد نزل إلى السماء الدنيا نزولا يليق به سبحانه وتعالى، وهو يقول “من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟” فإنه من مثلك وقد تفتحت أبواب السماء لدعائك؟ ومن مثلك وربك يقول لك كما جاء فى سورة غافر ” ادعونى استجب لكم ” من مثلك إذا فعلت ذلك؟ من مثلك وأنت بهذا الإيمان الصادق؟ يستنير قبرك، فلا يكون مظلما عليك، ويستنير بهذا الإيمان طريقك إذا بعثت يوم القيامة، فتمشي في النور.

والناس في الظلمات، من مثلك وأنت تجد هذا الإيمان الصادق يظلك الله به يوم لا ظل إلا ظله وتحت عرشه؟ من مثلك وأنت تجد هذا الإيمان الصادق هو المركب الهني الذي تعبر به الصراط، وتدق به أبواب الجنة، وتجد نفسك بين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا من مثلك؟ فهل تريد حياة أجمل من هذه الحياة؟ وهل تريد سعادة أنعم من هذه السعادة؟ فإن المشكلة أننا ما صدقنا الله في إيماننا، لعبت بنا الحياة الدنيا، فأخذتنا عن الله، ولعبت بنا الشياطين، فأبعدتنا عن دين الله، وعن طريق الله، وإن أحدنا يعتاد العادة السيئة، فلا يستطيع تركها، ويعمل العمل المحرم، فلا يستطيع أن يفارقه، إذا قلت له أن تأخيرك للصلاة ونومك عنها كبيرة من الكبائر، قال لا استطيع ترك النوم لأنه عندي أهم من الصلاة.

وإذا قلت له إن أولادك يفتقدون للخلق والأدب ويؤذون الناس، قال أولادي أحسن من أولاد غيري، وإذا قلت له إن ظلمك لزوجتك وهجرها والإساءة إليها من الكبائر، قال إنني حر أفعل ما أشاء، وإذا قلت له إن ظلمك لعمالك وموظفيك حرام، وإن غشك للمسلمين في البضائع وتسويق هذه البضائع بالحلف الكاذب كبيرة وجريمة من أكبر الجرائم، قال الناس يفعلون ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى